للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

هجرتكم سَبْخة (١) بين ظهراني حَرَّتين، فإما أن تكون هَجَر، أو يثرب"، ولم يذكر اليمامة، وللترمذيّ من حديث جرير قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن الله تعالى أوحى إليّ: أيّ هؤلاء الثلاثة نزلتَ، فهي دار هجرتك: المدينة، أو البحرين، أو قِنَّسرين"، استغربه الترمذيّ، وفي ثبوته نظرٌ؛ لأنه مخالف لِمَا في "الصحيح" من ذِكر اليمامة؛ لأن قِنَّسرين من أرض الشام، من جهة حَلَب، وهي بكسر القاف، وفتح النون الثقيلة، بعدها مهملة ساكنة، بخلاف اليمامة، فإنها إلى جهة اليمن، إلا إن حُمِل على اختلاف المأخذ، فإن الأول جرى على مقتضى الرؤيا التي أريها، والثاني يخيّر بالوحي، فيَحْتَمِل أن يكون أُري أوّلًا، ثم خُيّر ثانيًا، فاختار المدينة. انتهى.

وقال النوويّ -رَحِمَهُ اللهُ-: وأما يثرب فهو اسمها في الجاهلية، فسمّاها الله تعالى المدينة، وسمّاها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- طيبة، وطابة، وقد سبق شرحه مبسوطًا في آخر "كتاب الحجّ"، وقد جاء في حديث النهي عن تسميتها يثرب؛ لكراهة لفظ التثريب، ولأنه من تسمية الجاهلية، وسمّاها في هذا الحديث "يثرب فقيل: يَحْتَمِل أن هذا كان قبل النهي، وقيل: لبيان الجواز، وأن النهي للتنزيه، لا للتحريم، وقيل: خوطب به من يعرفها به، ولهذا جمع بينه وبين اسمه الشرعيّ، فقال: "المدينة، يثرب". انتهى (٢).

(وَرَأَيْتُ) وفي رواية: "أُريت(فِي رُؤْيَايَ هَذِهِ أَنِّي هَزَزْتُ سَيْفًا) وفي رواية: "سيفي"، وهو ذو الْفَقَار، (فَانْقَطَعَ صَدْرُهُ) وعند ابن إسحاق: "ورأيت في ذباب سيفي ثُلْمًا"، وعند أبي الأسود في "المغازي": عن عروة: "رأيت سيفي ذا الفقار، قد انقصم من عند ظُبَته"، وكذا عند ابن سعد، وأخرجه البيهقيّ في "الدلائل" من حديث أنس، وفي رواية عروة: "كأن الذي رأى بسيفه ما أصاب وجهه المكرم وعند ابن هشام: "حَدَّثني بعض أهل العلم أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: وأما الثُّلَمُ في السيف فهو رجل من أهل بيتي يُقْتَل" (٣).


(١) بفتح السين، وكسر الباء، وسكونها تخفيفًا.
(٢) "شرح النوويّ" ١٥/ ٣١ - ٣٢.
(٣) "الفتح" ٩/ ١٥٨، كتاب "المغازي" رقم (٤٠٨١).