للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(فَإِذَا هُوَ) قال الطيبيّ: أصله: فإذا تأويله، فحُذف المضاف الذي هو تأويل، وأقيم المضاف إليه مقامه، فانقلب الضمير المجرور مرفوعًا. انتهى (١). (مَا أُصِيبَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ أُحُدٍ، ثُمَّ هَزَزْتُهُ أُخْرَى) قال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: الرواية الصحيحة الفصيحة هي "هززته" بزايين، وتاء مثنّاة من فوقُ، وقد قاله بعض الرواة بزاي واحدة مشدّدة، وياء مخفّفة، فيقول: هَزَّيْتُهُ، وقيل: هي لغة بكر بن وائل. انتهى (٢).

قال العلماء: وتفسيره -صلى الله عليه وسلم- هذه الرؤيا بما ذَكَره، لأن سيف الرجل أنصاره الذين يصول بهم، كما يصول بسيفه، وقد يُفَسَّر السيف في غير هذا بالولد، والوالد، والعمّ، أو الأخ، أو الزوجة، وقد يدلّ على الولاية، أو الوديعة، وعلى لسان الرجل، وحجته، وقد يدلّ على سلطان جائر، وكلّ ذلك بحسب قرائن تنضم، تشهد لأحد هذه المعاني في الرائي، أو في الرؤية، قاله النوويّ (٣).

(فَعَادَ أَحْسَنَ مَا كَانَ، فَإِذَا هُوَ مَا جَاءَ اللهُ بِهِ مِنَ الْفَتْحِ، وَاجْتِمَاعِ الْمُؤْمِنِينَ) قال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: يعني به -والله أعلم-: ما صنع الله لهم بعدَ أُحُد، وذلك: أنهم لم ينكُلوا عن الجهاد، ولا ضعفوا، ولا استكانوا لِمَا أصابهم يوم أُحد، لكن جدَّدوا نياتهم، وقوَّوْا إيمانهم وعزماتهم، واجتمعت على ذلك جماعاتهم، وصحَّت في ذلك رغباتهم، فخرجوا على ما بهم من الضعف والجراح، فغزوا غزوة حمراء الأسد، مستظهرين على عدوهم بالقوة والجلد، ثم فتح الله تعالى عليهم، ونصرهم في غزوة بني النضير، ثم في غزوة ذات الرِّقاع، ثم لم يزل الله تعالى يجمع المؤمنين، ويكثّرهم، ويفتح عليهم إلى بدر الثانية، وكانت في شعبان في السنة الرابعة من الهجرة، وبعد تسعة أشهر ونصف شهر من أُحد، فما فتح الله عليه به في هذه المدة هو المراد هنا كما يأتي. انتهى (٤).

(وَرَأَيْتُ فِيهَا أَيْضًا بَقَرًا) بالموحدة، والقاف، وفي رواية أبي الأسود عن


(١) "الكاشف عن حقائق السُّنن" ٩/ ٣٠٠٦.
(٢) "المفهم" ٦/ ٣٦.
(٣) "شرح النوويّ" ١٥/ ٣١ - ٣٢.
(٤) "المفهم" ٦/ ٣٦.