للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

[البقرة: ٧٤]، ولم يُشاهَد قط أحد من بني آدم يخرج من بين أصابعه الماء غير نبينا -صلى الله عليه وسلم-.

وقد عَرَض له هذا مرارًا، مرةً بالمدينة، ومرةً بالحديبية، قبل بيعته المعروفة ببيعة الرضوان، فتوضأ من الماء الذي نبع من بين أصابعه -صلى الله عليه وسلم- جميع من حضر في ذلك اليوم، وهم ألف وأربعمائة، وقد قيل: ألف وخمسمائة (١).

٦ - (ومنها): بيان عدم وجوب طلب الماء للتطهر قبل دخول الوقت؛ لأن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- لم ينكر عليهم التأخير، فدلّ على الجواز، وذكر ابن بطال أن إجماع الأمة على أنه إن توضأ قبل الوقت فحسن، ولا يجوز التيمم عند أهل الحجاز قبل دخول الوقت، وأجازه العراقيون.

٧ - (ومنها): بيان أن الصلاة لا تجب إلا بدخول الوقت.

٨ - (ومنها): أنه يستحب التماس الماء لمن كان على غير طهارة، وعند دخول الوقت يجب.

٩ - (ومنها): أن فيه ردًّا على من ينكر المعجزة من الملاحدة.

١٠ - (ومنها): أنه استَنْبَطَ المهلّب منه أن الأملاك ترتفع عند الضرورة؛ لأنه لَمّا أُتي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالماء لم يكن أحد أحقّ به من غيره، بل كانوا فيه سواءً، ونوقش فيه، وإنما تجب المواساة عند الضرورة لمن كان في مائه فضل عن وضوئه، قاله في "العمدة" (٢)، والله تعالى أعلم.

(المسألة الرابعة): حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه- في نبع الماء من بين أصابعه أورده مسلم من ثلاثة طرق: من رواية ثابت، وإسحاق بن عبد الله، وقتادة كلهم عنه، وأورده البخاريّ في "المناقب" من أربعة طرق: من رواية قتادة، وإسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، والحسن البصريّ، وحميد الطويل، وعنده في "الطهارة" من رواية ثابت، كلهم عن أنس، وعند بعضهم ما ليس عند بعض.

قال الحافظ -رَحِمَهُ اللهُ-: وظهر لي من مجموع الروايات أنهما قصّتان في موطنين؛ للتغاير في عدد من حضر، وهي مغايَرَة واضحة يَبْعد الجمع فيها،


(١) "الاستذكار" ١/ ٢٠٤.
(٢) "عمدة القاري" ٣/ ٣٤.