للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شرح الحديث:

(عَنْ عَائِشَةَ) - رضي الله عنها -؛ أنَّها (قَالَتْ: كُنَّ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) هذا على لغة "أكلوني البراغيث"، كما قال في "الخلاصة":

وَقَدْ يُقَالُ سَعِدَا وَسَعِدُوا … وَالْفِعْلُ لِلظَّاهِرِ بَعْدُ مُسْنَدُ

ولفظ البخاريّ: "كنّا أزواجَ النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بنصب "النبيّ" على الاختصاص.

(عِنْدَهُ) - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (لَمْ يُغَادِرْ) بالبناء للفاعل؛ أي: لَمْ تترك مكانها، من المغادرة، وهو الترك. (مِنْهُنَّ وَاحِدَةً، فَأَقْبَلَتْ فَاطِمَةُ) ابنته - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رضي الله عنها - (تَمْشِي، مَا تُخْطِئُ مِشْيَتُهَا) بكسر الميم؛ لأنَّ الفِعْلة بالكسر للحالة، وبالفتح للمرة (١). (مِنْ مِشْيَةِ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَيْئًا) ولفظ البخاريّ: "كأن مشيتها مَشيُ النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -"، فـ "مشيُ" مرفوع؛ لأنه خبر "كأنّ" بالتشديد، وكان - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا مشى كأنه ينحدر من صبب؛ أي: من موضع منحدر (٢).

وقال في "الفتح" ما حاصله: وفي أول هذا الحديث من رواية مسروق عن عائشة: "فأقبلت فاطمة ما تخطئ مشيتها مشية رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فلما رآها رحّب بها، فقال: مرحبًا بابنتي، ثم أجلسها عن يمينه، أو عن شماله، ثم سارّها، فبكت بكاءً شديدًا"، ولأبي داود، والترمذيّ، والنسائيّ، وابن حبان، والحاكم، من طريق عائشة بنت طلحة، عن عاشه قالت: "ما رأيت أحدًا أشبه سَمْتًا، وهَديًا، ودَلًّا برسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بقيامها، وقعودها، من فاطمة، وكانت إذا دخلت على النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قام إليها، وقبّلها، وأجلسها في مجلسه، وكان إذا دخل عليها فعلت ذلك، فلما مَرِضَ دخلت عليه، فأكبّت عليه تقبّله"، واتفقت الروايتان على أنَّ الذي سارّها به أَوّلًا، فبكت هو إعلامه إياها بأنه ميت من مرضه ذلك، واختَلَفا فيما سارّها به ثانيًا، فضحكت، ففي رواية عروة -يعني: الرواية الماضية - أنه إخباره إياها بأنها أول أهله لحوقًا به، وفي رواية مسروق هذه أنه إخباره إياها بأنها سيدة نساء أهل الجَنَّة، وجَعَلَ كونَها أول أهله لحوقًا به مضمومًا إلى الأول وهو الراجح، فإن حديث مسروق يشتمل على زيادات ليست في حديث عروة، وهو من الثقات الضابطين، فمما زاده مسروق قول


(١) "عمدة القاري" ١٦/ ١٥٤.
(٢) "عمدة القاري" ١٦/ ١٥٤.