للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فلا تكن في شكّ من لقاء موسى الكتاب، وهذا مذهب ابن عباس، ومقاتل، والزجاج، وغيرهم، والله تعالى أعلم. انتهى (١).

وقال القاضي عياض رَحِمَهُ اللهُ: وقول قتادة في آخر الحديث: {فَلَا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَائِهِ} [السجدة: ٢٣]؛ أي: أن نبيّ الله - صلى الله عليه وسلم - لقي موسى عليه السلام، يعني: ليلة الإسراء، فالهاء على هذا عائدة على موسى عليه السلام، وقال غيره من المفسّرين: الهاء عائدة على الكتاب، أي: فلا تكن في مرية من تلقّي موسى الكتاب الذي أوتي، وعن الحسن: معناه: ولقد آتينا موسى الكتاب، فأوذي وكُذّب، فلا تكن في مرية أنك ستلقى مثل ما لقيه من الأذى والتكذيب، وقيل: في الآية تقديم وتأخير، يعود إلى الرجوع للآخرة والبعث، وما تقدّم من قوله: {قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ} [السجدة: ١١] إلى قوله: {تُرْجَعُونَ}، واعتَرَضت قصّة موسى بين الكلامين. انتهى (٢).

قال الجامع عفا الله عنه: القول الأخير ضعفه مما لا يخفى؛ إذ فيه إخراج أسلوب الكتاب عن وضعه، فلا ينبغي ذكر مثله إلا للردّ عليه، فتنبّه، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجَّاج رحمه الله تعالى المذكور أولَ الكتاب قال:

[٤٢٧] (١٦٦) - (حَدَّثنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَسُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ، قَالَا: حَدَّثنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَة، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مَرَّ بِوَادِي الْأَزْرَق، فَقَالَ: "أَيُّ وَادٍ هَذَا؟ " فَقَالُوا: هَذَا وَادِي الْأَزْرَق، قَالَ: "كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى مُوسَى عليه السلام هَابِطًا مِنَ الثَّنِيَّة، وَلَهُ جُؤَارٌ إِلَى اللهِ بِالتَّلْبِيَةِ"، ثُمَّ أَتَى عَلَى ثَنِيَّةِ هَرْشَى، فَقَالَ: "أَيُّ ثَنِيَّةٍ هَذِهِ؟ " قَالُوا (٣): ثَنِيَّةُ هَرْشَى، قَالَ: "كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى يُونُسَ بْنِ مَتَّى عليه السلام عَلَى نَاقَةٍ حَمْرَاءَ جَعْدَةٍ، عَلَيْهِ جُبَّةٌ مِنْ صُوفٍ، خِطَامُ نَاقَتِهِ خُلْبَةٌ، وَهُوَ يُلَبِّي".


(١) "شرح النوويّ" ٢/ ٢٢٨.
(٢) "إكمال المعلم" ٢/ ٧٠٧ - ٧٠٨.
(٣) وفي نسخة: "فقالوا".