للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

[تنبيه]: من لطائف هذا الإسناد:

أنه من خماسيّات المصنّف - رَحِمَهُ اللهُ -، وأنه من أصحّ أسانيد أبي هريرة - رضي الله عنه -، وأنه مسلسلٌ بالمدنيين من مالك، وفيه رواية تابعيّ عن تابعيّ، وفيه ابن المسيِّب أحد الفقهاء السبعة، وفيه أبو هريرة - رضي الله عنه - أحد المكثرين السبعة، بل هو رأسهم.

شرح الحديث:

(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) - رضي الله عنه -؛ (أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -قَالَ: "لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ) بضم الصاد، وفتح الراء، وهو الذي يَصْرَع الناس، وَيكْثُر ذلك منه، قال الباجيّ: ولم يُرِدْ نفي الشدّة عنه، فإنه يُعْلَم بالضرورة شدّته، وإنما أراد أنه ليس بالنهاية في الشدّة، وأشدّ منه الذي يملك نفسه عند الغضب، أو أراد أنَّها شدّة لها كبير منفعة، وإنما الشدّة التي يُنتفع بها شدة الذي يملك نفسه عند الغضب، كقولهم: لا كريم إلَّا يوسف، لَمْ يُرَد به نفي الكرم عن غيره، وإنما أريدَ به إثبات مزيّة له في الكرم، وكذا لا سيف إلَّا ذو الْفَقَار، ولا شجاع إلَّا عليّ. انتهى (١).

وقال الطيبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: "الصُّرَعة": المبالغ في الصَّرْع الذي لا يُغْلَب، فنَقَله إلى الذي يملك نفسه عند الغضب؛ فإنه إذا مَلَكها كان قد قهر أقوى أعدائه، وشرّ خُصومه، ولذلك قال: "أعدى عدوّك نفسك التي بين جنبيك" (٢)، وهذا من الألفاظ التي نقلها عن وضعها اللغويّ بضرب من التوسّع والمجاز، وهو من فصيح الكلام؛ لأنه لما كان الغضبان بحالة شديدة من الغيظ، وقد ثارت عليه شهوة الغضب، فَقَهرها بحِلمه، وصَرَعها بثباته، كان كالصُّرَعَة الذي يصرع الرجال، ولا يصرعونه. انتهى (٣).

وقال في "الفتح": "الصُّرَعة": الذي يَصْرَع الناس كثيرًا بقوّته، والهاء للمبالغة في الصفة، والصُّرْعة بسكون الراء بالعكس، وهو من يصرعه غيره كثيرًا، وكل ما جاء بهذا الوزن بالضم، وبالسكون، فهو كذلك، كهُمَزة،


(١) " تنوير الحوالك" ١/ ٢١٣.
(٢) موضوع، راجع: "السلسلة الضعيفة" للشيخ الألبانيّ ٣/ ٣٠٨.
(٣) "الكاشف عن حقائق السنن" ١٠/ ٣٢٤٣.