حذيفة، رفعه:"يَدْرُس الإسلام كما يَدْرُس وشي الثوب"، إلى غير ذلك من الأحاديث.
وجوّز الطبريّ أن يضمَر في كل من الحديثين المحلّ الذي تكون فيه تلك الطائفة، فالموصوفون بشرار الناس الذين يبقَون بعد أن تقبض الريح من تقبضه يكونون مثلًا ببعض البلاد، كالمشرق الذي هوأصل الفتن، والموصوفون بأنهم على الحقّ يكونون مثلًا ببعض البلاد، كبيت المقدس؛ لقوله في حديث معاذ:"إنهم بالشام"، وفي لفظ:"ببيت المقدس".
قال الحافظ: وما قاله وإن كان محتمَلًا يردّه قوله في حديث أنس في "صحيح مسلم": "لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض: الله، الله"، إلى غير ذلك من الأحاديث، والله أعلم.
ويمكن أن تنزل هذه الأحاديث على الترتيب في الواقع، فيكون أولًا رفع العلم بقبض العلماء المجتهدين الاجتهاد المطلق، ثم المقيّد ثانيًا، فإذا لم يبق مجتهد استووا في التقليد، لكن ربما كان بعض المقلدين أقرب إلى بلوغ درجة الاجتهاد المقيّد من بعض، ولا سيما إن فرّعنا على جواز تجزيء الاجتهاد، ولكن لغلبة الجهل يقدّم أهل الجهل أمثالهم، وإليه الإشارة بقوله:"اتخذ الناس رؤساء جهالًا"، وهذا لا ينفي ترئيس بعض من لم يتصف بالجهل التامّ، كما لا يمتنع ترئيس من يُنسب إلى الجهل في الجملة في زمن أهل الاجتهاد.
وقد أخرج ابن عبد البرّ في كتاب العلم، من طريق عبد الله بن وهب، سمعت خلاد بن سلمان الحضرميّ يقول: حدّثنا دَرّاج أبو السمح يقول: يأتي على الناس زمان يُسمّن الرجل راحلته حتى يسير عليها في الأمصار، يلتمس من يفتيه بسُنّة، قدعمل بها، فلا يجد إلا من يفتيه بالظنّ. فيُحمَل على أن المراد: الأغلب الأكثر في الحالين، وقد وُجد هذا مشاهدًا، ثم يجوز أن يقبض أهل تلك الصفة، ولا يبقى إلا المقلد الصِّرْف، وحينئذ يتصور خلو الزمان عن مجتهد، حتى في بعض الأبواب، بل في بعض المسائل، ولكن يبقى من له نسبة إلى العلم في الجملة، ثم يزداد حينئذ غلبة الجهل، وترئيس أهله، ثم يجوز أن يقبض أولئك، حتى لا يبقى منهم أحد، وذلك جدير بأن يكون عند خروج الدجال، أو بعد موت عيسى عليه السلام، وحينئذ يُتصوّر خلو