للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال: ويجوز أن يكون الأول بحسب الظاهر، وتحصل قرينة بحسب المقام، تقتضي الرجوع إليهما جميعًا، أو إلى المشار إليه فقط.

وقال ابن بطال - رحمه الله -: في هذا الحديث: أن المنافقين يتأخرون مع المؤمنين، رجاءَ أن ينفعهم ذلك، بناء على ما كانوا يظهرونه في الدنيا، فظنوا أن ذلك يستمرّ لهم، فميّز الله تعالى المؤمنين بالغرّة والتحجيل؛ إذ لا غُرّة للمنافق، ولا تحجيل.

قال الحافظ - رحمه الله -: قد ثبت أن الغرّة والتحجيل خاصّ بالأمة المحمدية، فالتحقيق أنهم في هذا المقام يتميزون بعدم السجود، وبإطفاء نورهم بعد أن حَصَلَ لهم، وَيحْتَمِل أن يحصل لهم الغرة والتحجيل، ثم يسلبان عند إطفاء النور.

وقال القرطبيّ - رحمه الله -: ظَنّ المنافقون أن تستُّرهم بالمؤمنين ينفعهم في الآخرة، كما كان ينفعهم في الدنيا؛ جهلًا منهم.

وَيَحْتَمِل أن يكونوا حُشِروا معهم؛ لما كانوا يُظهِرونه من الإسلام، فاستمرّ ذلك حتى ميّزهم الله تعالى منهم.

قال: ويَحْتَمِل أنهم لَمّا سَمِعوا: "لِتَتَّبعْ كلُّ أمة مَن كانت تعبد"، والمنافق لم يكن يعبد شيئًا بَقِي حائرًا حتى مُيِّز. انتهى (١).

قال الحافظ - رحمه الله -: هذا ضعيفٌ؛ لأنه يقتضي تخصيص ذلك بمنافق كان لا يعبد شيئًا، وأكثر المنافقين كانوا يعبدون غير الله من وثن وغيره. انتهى (٢).

(مَا اتَّخَذَ اللهُ مِنْ صَاحِبَةٍ، وَلَا وَلَدٍ) هو معنى قوله تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (٣٠)} [التوبة: ٣٠].

(فَمَاذَا تَبْغُونَ؟) أي أيّ شيء تطلبون؟ (قَالُوا: عَطِشْنَا) بكسر الطاء، من باب تَعِبَ (يَا رَبَّنا فَاسْقِنَا) يحتمل أن تكون الهمزة للوصل، مِن سقى ثلاثيًّا، من قوله تعالى: {وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا} [الإنسان: ٢١]، ويحتمل أن تكون للقطع مِن أسقى رباعيًّا، من قوله تعالى: {لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا} الآية [الجن: ١٦].


(١) "المفهم" ١/ ٤١٦.
(٢) "الفتح" ١١/ ٤٥٨.