للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بفتح، فسكون (وَكَالرِّيح، وَكَالطَّيْر، وَكَأَجَاوِيدِ الْخَيْلِ) من إضافة الصفة للموصوف، قال في "النهاية": "الأجاويد": جمع أجواد، وهو جمع جواد، وهو الفرس السابق الجيّد (١). (وَالرِّكَابِ) بالراء، وتخفيف الكاف: أي الإبل، واحدتها راحلة من غير لفظها، فهو عطفٌ على الخيل، والخيل جمع الفرس من غير لفظه.

والمعنى: أنهم في مرورهم على الصراط متفاوتون على حسب أعمالهم، فمن بلغ من العمل، والإخلاص الدرجة القصوى، كان مروره كطرف العين، والذي يليه كالبرق، وهكذا، والله تعالى أعلم.

(فَنَاجٍ) الفاء للتفريع، أو للتفصيل، وقد قسم المارّة على الصراط بطريق الإجمال على ثلاث فِرَق، بحسب مراتبهم في العقيدة والعمل والمعرفة، والمعنى: فمنهم ناجٍ (مُسَلَّمٌ) بفتح اللام المشدّدة: أي ينجو من العذاب، ولا يثاله مكروه من ذلك (وَمَخْدُوشٌ مُرْسَلٌ) أي ومنهم مجروح مخلَّص، يعني: أنه يُخدَش بالْكَلُّوب، ثم يُرسل: أي يُطلق من ذلك الكلّوب، ويتجاوزه، وقيل: معنى "مخدوش": أي الذي يُخدّش بالكلّوب، فيُرسل إلى النار من عصاة أهل الإيمان، و"مرسل": أي مطلق من القيد والْغُلّ بعد أن عُذّب مدّة. انتهى، والمعنى الأول أقرب وأوضح، والله تعالى أعلم.

(وَمَكْدُوسٌ فِي نَارِ جَهَنَّمَ) أي: ومنهم مدفوع في نار جهنّم، قال في "النهاية": وتكدّس الإنسانُ: إذا دُفع من ورائه، فسَقَطَ، ويُروى بالشين المعجمة من الْكَدْش، وهو السوق الشديد، والْكَدْش: الطرد، والْجَرْح أيضًا. انتهى (٢).

وقال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: معناه: أنهم ثلاثة أقسام: قسمٌ يَسْلَم، فلا يناله شيء أصلًا، وقسم يُخْدَش، ثم يُرْسَل، فيَخْلُص، وقسمٌ يُكَرْدس، ويُلْقَى، فيسقط في جهنم.

وأما مَكْدُوسٌ: فهو بالسين المهملة، هكذا هو في الأصول، وكذا نقله القاضي عياض - رَحِمَهُ اللهُ - عن أكثر الرواة، قال: ورواه الْعُذريّ بالشين المعجمة، ومعناه بالمعجمة: السَّوْق، وبالمهملة: كون الأشياء بعضها على بعض، ومنه:


(١) "النهاية" ١/ ٣١٢.
(٢) "النهاية" ٤/ ١٥٥.