للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

تَكَدَّست الدواب في سيرها: إذا رَكِبَ بعضُها بعضًا (١).

(حَتَّى إِذَا خَلَصَ الْمُؤْمِنُونَ مِنَ النَّارِ) بفتح الخاء المعجمة، واللام: أي نجوا، يقال: خَلَصَ الشيءُ من التَّلَفِ خُلُوصًا من باب قَعَدَ، وخَلاصًا، ومَخْلَصًا: سَلِمَ ونَجَا، وخَلَصَ الماءُ من الْكَدَر: صَفَا، وخَلّصته بالتثقيل: مَيّزته من غيره (٢).

قال القاريّ - رَحِمَهُ اللهُ -: "حتى" غاية لمرور البعض على الصراط، وسقوط البعض في النار، وقال الطيبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: "حتى" غاية قوله: "مكدوس في نار جهنّم"، أي: يبقى المكدوس في النار حتى يخلُص بعد العذاب بمقدار ذنبه، أو بشفاعة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، أو بفضل الله تعالى، ووُضع "المؤمنون" في موضع الراجع إلى المكدوس؛ إشعارًا بالعليّة، وأن صفة الإيمان منافية للخلود في النار. انتهى (٣).

وقوله: (فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ) جواب "إذا" (مَا مِنْكُمْ) خطاب للمؤمنين (مِنْ أَحَدٍ) "من" زائدة، "وأحد" اسم "ما" الحجازيّة، أو هو مبتدأ على أنها تميميّة (بِأَشَدَّ) خبر "ما" (مُنَاشَدَةً) منصوب على التمييز (للهِ) متعلّق بـ "مناشدة" (فِي اسْتِقْصَاءِ الْحَقِّ) متعلّق بـ "مناشدةً" أيضًا، ومعنى الاستقصاء: المبالغة في المطالبة، قال المجد - رَحِمَهُ اللهُ -: واستقصى في المسألة، وتَقَصى: بلغ الغاية. انتهى (٤). (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) متعلّق بـ "أشدّ"، أي بأشدّ مناشدةً منكم، فوُضع المظهر موضع المضمر (للهِ) متعلّق بـ "مناشدة" (يَوْمَ الْقِيَامَةِ) ظرف لـ "أشدّ" (لإخْوَانِهِمِ) أي لأجل إخراج إخوانهم (الَّذِينَ فِي النَّارِ) قال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: اعلم: أن هذه اللفظة - يعني "استقصاء الحقّ" - ضُبِطَت على أوجه:

[أحدها]: "استيضاء" بتاء مثناة من فوقُ ثم ياء مثناة من تحتُ، ثم ضاد معجمة.

[والثاني]: "استضاء" بحذف المثنّاة من تحتُ.


(١) "شرح النوويّ" ٣/ ٢٩ - ٣٠.
(٢) "المصباح المنير" ١/ ١٧٧.
(٣) "الكاشف عن حقائق السنن" ١١/ ٣٥٣٠.
(٤) "القاموس المحيط" ص ١١٩٢.