للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأنس، وابن عباس، وعليّ، وحذيفة، وجبير بن مطعم، وابن عمر، وغيرهم، فأما أنس، وابن عباس فلم يحضرا ذلك؛ لأنه كان بمكة قبل الهجرة بنحو خمس سنين، وكان ابن عباس إذ ذاك لم يولد، وأما أنس فكان ابن أربع، أو خمس بالمدينة، وأما غيرهما فيمكن أن يكون شاهد ذلك، وممن صرح برؤية ذلك ابن مسعود -رضي الله عنه-. انتهى (١).

(أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ) المراد المشوكون منهم، قال الحافظ في "الفتح": هذا من مراسيل الصحابة؛ لأن أنسًا لم يدرك هذه القصة، وقد جاءت هذه القصة من حديث ابن عباس، وهو أيضًا ممن لم يشاهدها، ومن حديث ابن مسعود، وجبير بن مُطعم، وحذيفة، وهؤلاء شاهدوها، ولم أر في شيء من طرقه أن ذلئط كان عقب سؤال المشركين إلا في حديث أنس، فلعله سمعه من النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، ثم وجدت في بعض طرق حديث ابن عباس بيان صورة السؤال، وهو وإن كان لم يدرك القصة، لكن في بعض طرقه ما يُشعر بأنه حمَل الحديث عن ابن مسعود، كما سأذكره، فأخرج أبو نعيم في "الدلائل" من وجه ضعيف، عن ابن عباس قال: "اجتمع المشركون إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- منهم: الوليد بن المغيرة، وأبو جهل بن هشام، والعاص بن وائل، والأسود بن المطلب، والنضر بن الحارث، ونظرائهم، فقالوا للنبيّ -صلى الله عليه وسلم-: إن كنت صادقًا، فشقّ لنا القمر فرقتين، فسأل ربه، فانشقّ" (٢).

(سَأَلُوا رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنْ يُرِيَهُمْ آيَةً)؛ أي: علامة على صدق نبوّته، وهذا منهم على سبيل التعنّت، والعناد، ولذا لم يستفيدوا من رؤيته، بل استمرّوا على غيّهم وطغيانهم، (فَأَرَاهُمُ) النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بعد أن دعا الله تعالى (انْشِقَاقَ الْقَمَرِ مَرَّتَيْنِ) هكذا رواية مسلم بلفظ "مرّتين"، وفي رواية للبخاريّ: "شقّتين"، قال في "الفتح": قوله: "شقتين " بكسر المعجمة؛ أي: نصفين، وتقدم من طريق سعيد وشيبان، عن قتادة، بدون هذه اللفظة، وأخرجه مسلم من الوجه الذي أخرجه منه البخاريّ، من حديث شيبان (٣)، عن قتادة، بلفظ: "فأراهم انشقاق


(١) "الفتح" ٦/ ٦٣٢.
(٢) "الفتح" ٨/ ٥٩٦.
(٣) وقع في نسخة "الفتح" سعيد بدل شيبان، وهو غلط، فتنبّه.