فتقول: هل من مزيد؟ ويُلقَى فيها، وتقول: هل من مزيد؟ حتى يأتيها -عزَّ وَجَلَّ-، فيضع قدمه عليها، فتنزوي، فتقول: قدني قدني".
ومعنى قولها:(قَطْ قَطْ)؛ أي: حَسْبي حسبي، وثبت بهذا التفسير عند عبد الرزاق، من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، و"قط" بالتخفيف ساكنًا، ويجوز الكسر بغير إشباع، ووقع في بعض النُّسخ عن أبي ذرّ: "قطي قطي" بالإشباع، و"قطني" بزيادة نون مشبعة، ووقع في حديث أبي سعيد، ورواية سليمان التيميّ بالدال بدل الطاء، وهي لغة أيضًا، وكلها بمعنى يكفي، وقيل: قط صوت جهنم، والأول هو الصواب عند الجمهور، قال الحافظ: ثم رأيت في تفسير ابن مردويه من وجه آخر، عن أنس، ما يؤيد الذي قبله، ولفظه: "فيضعها عليها، فتقطقط، كما يقطقط السقاء إذا امتلأ". انتهى، فهذا لو ثبت لكان هو المعتمَد، لكن في سنده موسى بن مطير، وهو متروك. انتهى (١).
وقوله:(وَعِزَّتِكَ)، أي: وأقسم بعزّتك، قال ابن بطال -رَحِمَهُ اللهُ-: اختلف العلماء في اليمين بصفات الله، فقال مالك في المدونة: الحلف بأسماء الله وصفاته لازم كقوله: والعزيز، والسميع، والبصير، والعليم، والخبير، واللطيف، أو قال: وعزة الله وكبريائه، وعظمة الله وقدرته، وأمانته، وحقه، فهي أيمان كلها تُكفَّر، وذكر ابن المنذر مثله عن الكوفيين أنه إذا قال: وعظمة الله، وعزة الله، وجلال الله، وكبرياء الله، وأمانة الله: وجبت عليه الكفارة، وكذلك في كل اسم من أسمائه تعالى.
وقال الشافعي في جلال الله، وعظمة الله، وقدرة الله، وحق الله، وأمانة الله: إن نوى بها اليمين فهي أيمان، وإن لم ينو اليمين فليست بيمين؛ لأنه يَحتمل: وحقُّ الله واجبٌ، وقدرةُ الله ماضية.
وقال أبو بكر الرازي: عن أبي حنيفة أن قول الرجل: وحق الله، وأمانة الله: ليست بيمين. قال أبو حنيفة: قال الله -تعالى-: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا} الآية [الأحزاب: ٧٢]، المراد بذلك: الإيمان والشراع. وهو قول سعيد بن جبير، وقال مجاهد: الصلاة.