للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

جرير -رَحِمَهُ اللهُ-: "يوم نقول" صلة لـ"ظلّام" من قوله تعالى: {وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ}، وذلك هو يوم القيامة. ({هَلِ امْتَلَأْتِ}) لِمَا سبق من وعده إياها بأنه يملأها من الجِنَّة والناس أجمعين، وقوله: ({وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ}) اختلف أهل التأويل في تأويله، فقال بعضهم: معناه: ما من مزيد -أي: بمعنى النفي- قالوا: وإنما يقول الله لها: هل امتلأت؟ بعد أن يضع قدمه فيها، فينزوي بعضها إلى بعض، وتقول: قط قط، من تضايُقها؛ فإذا قال لها وقد صارت كذلك: هل امتلأت؟ قالت حينئذ: هل من مزيد؟ أي: ما من مزيد؛ لشدّة امتلائها، وتضايُق بعضها إلى بعض، وقال آخرون: بل معنى ذلك: زدني، إنما هو هل من مزيد؟ بمعنى الاستزادة، قال ابن جرير: وأَولى القولين في ذلك عندي بالصواب قول من قال: هو بمعنى الاستزادة، هل من شيء أزداده؟ وإنما قلنا ذلك أَولى القولين بالصواب؛ لصحة الخبر عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- به، ثم أورد مستدلًّا على ذلك حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- المذكور في الباب (١).

قال الرّزّيّ: (فَأَخْبَرَنَا)، أي: عبد الوهّاب بن عطاء، (عَنْ سَعِيد) بن أبي عروبة، ووقع في بعض النُّسخ بلفظ: "فأخبرنا سعيد"، فيكون قائل: "فأخبرنا" هو عبد الوهاب؛ أي: قال عبد الوهّاب: فأخبرنا سعيد (عَنْ قَتَادَةَ) بن دعامة (عَنْ أَنسِ بْنِ مَالِكٍ) -رضي الله عنه- (عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-؛ أَنَّهُ قَالَ: "لَا تَزَالُ جَهَنَّمُ يُلْقَى فِيهَا)؛ أي: يُلقى من كان من أهلها فيها، (وَتَقُولُ)؛ أي: قولًا حقيقيًّا، كما أسلفنا تحقيقه، (هَلْ مِنْ مَزِيدٍ؟) إما مصدر ميميّ كالمحيد، أو اسم مفعول؛ كالمنيع، فالأول بمعنى: هل من زيادة؟ والثاني بمعنى: هل من شيء تزيدونيه؟ (٢). (حَتَّى يَضَعَ رَبُّ الْعِزَّةِ فِيهَا قَدَمَهُ) تقدّم أن فيه إثبات القدم لله تعالى على ما يليق بجلاله، وأنه يضعه في جهنم. (فَيَنْزَوِي) مضارع من الانزواء؛ أي: ينضمّ (بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ، وَتَقُولُ: قَطْ قَطْ)؛ أي: حَسْبي حسبي، (بِعِزَّتِكَ)؛ أي: بقهرك، وغلبتك (وَكَرَمِكَ، وَلَا يَزَالُ فِي الْجَنَّةِ فَضْلٌ)؛ أي: زيادة عن الداخلين فيها، (حَتَّى يُنْشِئَ) من الإنشاء؛ أي: يخلق (اللهُ لَهَا خَلْقًا، فَيُسْكِنَهُمْ) بضمّ أوله، من الإسكان، (فَضْلَ الْجَنَّةِ" أي: الموضع الذي فَضَل منها، وبقي عن سكانها، ويروى: أفضل بصيغة أفعل التفضيل، فقيل: هو مثل الناقصُ والأشجّ


(١) "تفسير الطبريّ" ٢٢/ ٣٥٩ - ٣٦١.
(٢) "فتح القدير" ٧/ ٣٣.