للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فاطمةَ، وما بعدها، أشار ابن مالك رحمه الله في "الخلاصة"، حيث قال:

وَنَحْوَ "زيدٍ" ضُمَّ وَافْتَحَنَّ مِنْ … نَحْوِ "أَزَيْدُ بْنَ سَعِيدٍ لَا تَهِنْ"

وَالضَّمُّ إِنْ لَمْ يَلِ الابْنَ عَلَمَا … أَوْ يَلِ الابْنَ عَلَمٌ قَدْ حُتِمَا

[تنبيه]: وقع في رواية البخاريّ بلفظ: "يا صفيّةُ عمّةَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -"، فعليه يجب ضمّ "صفيّة"؛ لكونه علمًا مفردًا، وأما "عمّةَ" فمنصوب لا غير، وقد أشار إلى ذلك ابن مالك في "الخلاصة" حيث قال:

تَابعَ ذِي الضَّمِّ الْمُضَافَ دُونَ "أَلْ" … أَلْزِمْهُ نَصْبًا كـ"زيدُ ذَا الْحِيَلْ"

فما وقع في "الفتح" ٩/ ٤٥٢ من قوله: "ويجوز في "صفيّة" الرفع والنصب" (١)، فليس بصواب، وإنما اشتبه عليه هذا بقوله: "يا فاطمة بنت محمد - صلى الله عليه وسلم -"، فإنه هو الذي يجوز فيه ما ذُكِر، كما أسلفناه آنفًا، فتبصّر، وراجع شروح "الخلاصة" وحواشيها في "باب النداء" (٢)، تستفد، وبالله تعالى التوفيق.

(لَا أَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللهِ شَيْئًا، سَلُونِي مِنْ مَالِي مَا شِئْتُمْ") أي فإني أُعطيكم ما أقدر عليه مما تسألون، ولكن لا تسألوني دِفاعًا عنكم من عذاب الله تعالى، إن لم تُسلموا، وتفعلوا الخير، فإني لا أستطيع أن أنفعكم في ذلك.

وقال الطيبيّ رحمه الله: قوله: "من مالي"، أرى أنه ليس من المال المعروف في شيء، إنما عبّر به عما يملكه من الأمر، وَينْفُذ تصرّفه فيه، ولم يثبُت عندنا أنه - صلى الله عليه وسلم - كان ذا مالٍ، لا سيّما بمكة.

وَيَحْتَمِل أن الكلمتين أعني: "مِنْ"، و"ما" وقع الفصل فيهما من بعض من لم يُحقّقه من الرواة، فكتبهما منفصلتين. انتهى.

قال الجامع عفا الله عنه: هذا الذي ذكره الطيبيّ - رضي الله عنه -، وإن كان وجهًا لا بأس به، إلا أنه لا يبعُدُ حمله على المال المعروف؛ لأن المال غادٍ ورائح، يحصل تارةً، ولا يحصل أخرى، فقوله: "سلوني … إلخ " أي ليُعطيهم ما حَصَل لديه، ويَعِدَهم فيما يُستَقبل إذا لم يكن عنده، كما فُسِّر بذلك قوله عز وجل: {وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُورًا (٢٨)} [الإسراء: ٢٨]، قال


(١) "فتح" ٩/ ٤٥٢ "تفسير سورة الشعراء".
(٢) راجع: "شرح ابن عقيل" مع "حاشية الخضريّ" ٢/ ١١٩ - ١٢٢.