للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقد ناقشه العينيّ ناصرًا لمذهبه، كعادته في مثل هذا، تركت ذكره؛ لعدم جدواه؛ إذ الانتصار إنما هو للحقّ، لا لآراء الرجال، وسيأتي البحث في هذا مستوفًى في محلّه - إن شاء الله تعالى -.

٥ - (ومنها): أن الزكاة فرض.

٦ - (ومنها): أنه استَدَلَّ به بعضهم على أن الزكاة لا يجوز نقلها عن بلد المال، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "فتُرَذ في فقرائهم".

قال ابن دقيق العيد رحمه الله تعالى: وفيه عندي ضعف؛ لأن الأقرب أن المراد تؤخذ من أَغْنِيَائهم من حيث إنهم مسلمون، لا من حيث إنهم من أهل اليمن، وكذلك الردّ عليهم، وإن لم يكن هذا هو الأظهر، فهو محتمل احتمالًا قويًّا، ويقوّيه أن أعيان الأشخاص المخاطبين في قواعد الشرع الكليّة لا تُعتبر، ولولا وجود مناسبة في باب الزكاة لقُطع بأن ذلك غير معتبر، وقد وردت صيغة الأمر بخطابهم في الصلاة، ولا يختصّ بهم قطعًا، أعني الحكم، وإن اختصّ بهم خطاب المواجهة، انتهى كلامه.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الذي حقّقه ابن دقيق العيد رحمه الله تعالى من ضعف الاستدلال بهذا الحديث على عدم جواز نقل الزكاة من بلد المال إلى بلد آخر هو الأرجح عندي؛ لما بيّنه في تحقيقه، وأما محاولة الصنعاني في "حاشيته" بالردّ عليه، ففيها نظر، فتأملها بعين الإنصاف.

وقد مال النوويّ رحمه الله تعالى في "شرحه" لهذا الكتاب إلى ما رجحه ابن دقيق العيد، فانظره (١). وسيأتي تمام البحث فيه في محلّه - إن شاء الله تعالى -.

٧ - (ومنها): أنه يدلّ على أن من مَلَكَ النصابَ لا يُعطى من الزكاة، وهو مذهب أبي حنيفة، وبعض أصحاب مالك رحمهم الله تعالى من حيث إنه جعل المأخوذ منه غنيًّا، وقابله بالفقير، ومن ملك النصاب فالزكاة مأخوذةٌ منه، فهو غنيّ، والغنيّ لا يُعطَى من الزكاة، إلا في المواضع المستثناة في الحديث، وليس بالشديد القوّة، قاله ابن دقيق العيد (٢).


(١) "شرح صحيح مسلم" ١/ ١٩٧.
(٢) "إحكام الأحكام" ٣/ ٢٧٨ بنسخة حاشية "العدّة".