للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأشار بالحديث إلى ما أخرجه أبو داود، وابن ماجه من حديث أبي سعيد - رضي الله عنه - مرفوعًا: "لا تحلّ الصدقة لغني، إلا لخمسة: العامل عليها، أو رجل اشتراها بماله، أو غارم، أو غاز في سبيل الله، أو مسكين تصدّق عليه بها، فأهداها لغنيّ".

٨ - (ومنها): بيان عِظَم تحريم الظلم، وأن الإمام ينبغي أن يَعِظَ ولاته، ويأمرهم بتقوى الله تعالى، ويبالغ في نهيهم عن الظلم، ويُعَرِّفَهم قُبْحَ عاقبته، قال ابن دقيق العيد رحمه الله تعالى: في الحديث دليلٌ على تعظيم أمر الظلم، واستجابة دعوة المظلوم، وذكر النبيّ - صلى الله عليه وسلم - ذلك عقب النهي عن أخذ كرائم الأموال؛ لأن أخذها ظلم، وفيه تنبيه على جميع أنواع الظلم. انتهى (١).

وقال القرطبيّ رحمه الله تعالى: فيه تحريم الظلم، وتخويف الظالم، وإباحة الدعاء للمظلوم عليه، والوعد الصّدق بأن الله تعالى يستجيب للمظلوم فيه، غير أنه قد تُعجّل الإجابة فيه، وقد تؤخّر؛ إملاءً للظالم، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله يُملي للظالم حتى إذا أخذه لم يُفْلِتْهُ (٢)، ثم قرأ: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ} [هود: ١٠٢]، وكما قد روي عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إن الله تعالى يَرفع دعوة المظلوم على الغمام، ويقول لها: لأنصرَنَّك ولو بعد حين" (٣).

٩ - (ومنها): أنه يَحرُم على الساعي أخذ كرائم المال في أداء الزكاة، بل يأخذ الوسط، ويحرم على رب المال إخراج شَرّ المال، قال ابن دقيق العيد رحمه الله تعالى: ودلّ الحديث أيضًا على أن كرائم الأموال لا تؤخذ من الصدقة، كالأَكُولة، والرُّبَّى، وهي التي تربّي ولدها، والماخض، وهي الحامل، وفحل الغنم، وحَزَرات المال - بتقديم الزاي، وقيل: بتأخيرها - وهي التي تُحزَرُ بالعين، وتُرمق؛ لشرفها عند أهلها.


(١) "الإحكام" ٣/ ٢٨٠ بنسخة الحاشية.
(٢) رواه مسلم في "صحيحه" (٢٥٨٣) والترمذي (٣١١٠) وابن ماجه (٤٠١٨) من حديث أبي موسى - رضي الله عنه -.
(٣) رواه أحمد في "مسنده" ٢/ ٣٠٥ و ٤٤٥ والترمذيّ (٢٥٢٦) وابن ماجه (١٧٥٢) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.