للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ذكرك، ثم توضأ، ثم نَمْ"، وهو يَرُدّ على مَن حمله على ظاهره، فقال: يجوز تقديم الوضوء على غسل الذكر؛ لأنه ليس بوضوء يرفع الحدث، وإنما هو للتعبد؛ إذ الجنابة أشدّ من مسّ الذكر، فتبين من رواية أبي نوح أن غسله مُقَدَّم على الوضوء، ويُمكِن أن يؤخر عنه بشرط أن لا يمسه على القول بأن مسه ينقض (١).

وقوله: (ثُمَّ نَمْ") بفتح النون (٢)؛ لأنه أمر من نام ينام، كخاف يخاف، وأصله انْوَمْ، كاعْلَمْ، نُقلت فتحة الواو إلى النون الساكنة قبلها عملًا بقول بعضهم:

حَرَكَةٌ لِيَا كَوَاوٍ إِنْ عَقِبْ … مَا صَحَّ سَاكِنًا فَنَقْلُهَا يَجِبْ

وبقول ابن مالك في "الخلاصة":

لِسَاكِنٍ صَحَّ انْقُلِ التَّحْرِيكَ … مِنْ ذِي لِينٍ اتٍ عَيْنَ فِعْلٍ كَـ "أَبنْ"

مَا لَمْ يَكُنْ فِعْلَ تَعَجُّبٍ وَلَا … كَـ "ابْيَضَّ" أَوْ "أَهْوَى" بِلَامٍ عُلِّلَا

والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج - رَحِمَهُ اللهُ - المذكور أولَ الكتاب قال:

[٧١١] (٣٠٧) - (حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنْ مُعَاوِيةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي قَيْسٍ، قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ عَنْ وِتْرِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، قُلْتُ: كَيْفَ كَانَ يَصْنَعُ فِي الْجَنَابَةِ؟ أَكَانَ يَغْتَسِلُ قَبْلَ أَنْ يَنَامَ، أَمْ يَنَامُ قَبْلَ أَنْ يَغْتَسِلَ؟ قَالَتْ: كُلُّ ذَلِكَ قَدْ كَانَ يَفْعَلُ، رُبَّمَا اغْتَسَلَ فَنَامَ، وَرُبَّمَا تَوَضَّأَ فَنَامَ، قُلْتُ: الْحَمْدُ للهِ الَّذِي جَعَلَ فِي الْأَمْرِ سَعَةً).

رجال هذا الإسناد: خمسة:

١ - (مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحِ) بن حُدير الْحَضْرميّ، أبو عمرو، أو أبو


(١) "الفتح" ١/ ٤٦٨.
(٢) فما اشتهر على ألسنة الناس من قولهم: "نُمْ" من لحن الجهال، فتفطّن.