للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ومعنى الفتنة ها هنا أن التطويل يكون سببأ لخروجهم من الصلاة، وللتكرُّه للصلاة في الجماعة.

ورَوَى البيهقيّ في "الشعب" بإسناد صحيح عن عمر -رضي اللَّه عنه- قال: "لا تبغضوا اللَّهَ إلى عباده، يكون أحدكم إمامًا، فيُطَوِّل على القوم الصلاة، حتى يُبَغِّضَ إليهم ما هم فيه".

وقال الداوديّ: يَحْتَمِل أن يريد بقوله: "فَتّان"؛ أي معذِّب؛ لأنه عذَّبهم بالتطويل، ومنه قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ} [البروج: ١٠] قيل: معناه عذَّبوهم.

(اقْرَأْ بِكَذَا، وَاقْرَأْ بِكَذَا"، قَالَ سُفْيَانُ) بن عيينة (فَقُلْتُ لِعَمْرٍو) أي ابن دينار (إنَّ أَبَا الزُّبَيْرِ) محمد بن مسلم المكيّ (حَدَّثَنَا عَنْ جَابِرٍ) -رضي اللَّه عنه- (أَنَّهُ قَالَ: "اقْرَأَ {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا (١)}، {وَالضُّحَى (١)}، {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى (١)}، وَ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (١)}، زاد في رواية البخاريّ، من طريق الحميديّ، عن ابن عيينة مع الثلاثة الأُوَل: {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ (١)}، {وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ (١)}، وفي رواية الليث، عن أبي الزبير التالية هنا: "فاقرأ بـ {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا (١)}، وَ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (١)}، و {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ}، {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى (١)} ".

(فَقَالَ عَمْرٌو) أي ابن دينار: (نَحْوَ هَذَا) أي نحو ما ذكره أبو الزبير، وفي رواية البخاريّ: "وأمره بسورتين من أوسط المفصل، قال عمرو: لا أحفظهما"، أي قال عمرو بن دينار: لا أحفظ السورتين اللتين أمره أن يقرأ بهما، وكأنه قال ذلك في حال تحديثه لشعبة، وإلا ففي رواية سَلِيم بن حَيّان، عن عمرو: "اقرأ {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا (١)}، و {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (١)}، ونحوها"، وقد تقدّم الخلاف في المراد بالمفصَّل، وصحح في "الفتح" أنه من أول {ق} إلى آخر القرآن.

وقوله: "أوسط" يَحْتَمِل أن يريد به المتوسط، والسورُ التي مَثَّلَ بها من قصار المتوسط، ويَحْتَمِل أن يريد به المعتَدِل، أي المناسب للحال من المفصَّل، قاله في "الفتح" (١)، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.


(١) ٢/ ٢٢٩.