للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وإن وافقه في فعله معه كُره، وصَحّت صلاته عند أكثر أصحابنا -يعني الحنبليّة- والشافعيّة، ومن أصحابنا من أبطل الصلاة بذلك، ويُستثنى من ذلك صورتان:

إحداهما: تكبيرة الإحرام في ابتداء الصلاة، فإذا كبّر معه لم تنعقد صلاة المأموم عند ابن المبارك، والشافعيّ، وأحمد، وهو قول مالك، وأبي يوسف، وقال أبو حنيفة، والثوريّ، والعنبريّ، ومحمد بن الحسن، وزُفرُ: تنعقد صلاته بذلك، وزاد الثوريّ عليهم، فقال: لو كبّر مع إمامه، وفرغ من تكبيره قبل فراغ إمامه جاز.

ومن الحنفيّة من جعل تكبيرة الإحرام شرطًا للصلاة، كالطهارة، والسِّتَارة (١)، ولم يجعلها منها.

والصورة الثانية: إذا سلّم مع إمامه، فإنه يجوز مع الكراهة عند أكثر أصحابنا، والشافعيّة، ولهم وجهٌ آخر أنه لا يجوز، وحُكي عن مالك، قال بعض أصحابنا: وهذا قويّ على قول من يَعتبر النيّة للخروج.

وعن مالك في أصل متابعة المأموم لإمامه ثلاث روايات:

إحداهنّ: أنه يُستحبّ أن يكون عمله بعد عمل إمامه معاقبًا له، كقول الشافعيّ، وأحمد.

والثانية: أن عمل المأموم كلّه مع عمل الإمام، ركوعه، وسجوده، ورفعه، ما خلا الإحرام، والتسليم، فإنه يأتي المأموم بهما إلا بعد تكبيرة الإمام وسلامه، وقيل: إنها أصحّ الروايات عنه.

والثالثة: أنه يكون عمله مع الإمام، ما خلا ثلاثة أشياء: التحريم، والتسليم، والقيام من اثنتين، فإنه يكون بعده. انتهى (٢).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: هذه الأقوال معظمها مخالفة للنصوص، وإنما ذكرتها؛ لتُعلم، لا ليُعمل بها، فإن القول الذي يكون مخالفًا للنص لا يُلتفت إليه، فالواجب العمل بما دلّت عليه النصوص.


(١) أي ستر العورة.
(٢) "فتح الباري" للحافظ ابن رجب -رَحِمَهُ اللَّهُ- ٦/ ١٦٣ - ١٦٥.