و (البخاريّ) في "العلم" ١/ ٤٤ (١٢٨) عن إسحاق بن إبراهيم، عن معاذ بن هشام به.
و (أبو نعيم) في "مستخرجهِ (١٤٢) و (أبو عوانة) في "مسنده" (٢٩).
[تنبيه]: أخرج البخاريّ رحمه الله تعالى من طريق سليمان التَّيْمِيّ، قال: سمعت أنس بن مالك، قال ذُكِرَ لي أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال لمعاذ بن جبل: "من لَقِيَ الله لا يشرك به شيئًا دخل الجنة"، قال: ألا أُبَشِّرُ الناسَ؟ قال: "لا، إني أخاف أن يتكلوا".
قال في "الفتح": قوله: "ذُكِرَ لي" هو بالضم على البناء لِمَا لم يُسَمَّ فاعلُه، ولم يُسَمِّ أنس مَن ذَكر له ذلك في جميع ما وقفتُ عليه من الطرق، وكذلك جابر بن عبد الله، كما قدمناه من عند أحمد؛ لأن معاذًا إنما حَدَّث به عند موته بالشام، وجابر وأنس إذ ذاك بالمدينة، فلم يشهداه، وقد حَضَرَ ذلك من معاذ عمرُو بن ميمون الأوديّ، أحدُ المخضرمين، كما جاء ذلك في رواية البخاريّ في "كتاب الجهاد"، ورواه النسائيّ من طريق عبد الرحمن بن سَمُرَة الصحابي المشهور - رضي الله عنه - أنه سمع ذلك من معاذ أيضًا، فيحتمل أن يُفَسَّر المبهم بأحدهما، والله تعالى أعلم.
ثم قال: أورد الْمِزّيّ في "الأطراف" هذا الحديث في مسند أنس، وهو من مراسيل أنس، وكان حقه أن يذكره في المبهمات.
وقوله: "من لَقِيَ الله"، أي من لقي الأجل الذي قدّره الله - يعني الموت - كذا قاله جماعة، ويحتمل أن يكون المراد البعثَ، أو رؤية الله تعالى في الآخرة.
وقوله: "لا يشرك به"، اقتصر على نفي الإشراك؛ لأنه يستدعي التوحيد بالاقتضاء، ويستدعي إثبات الرسالة باللزوم؛ إذ مَن كَذَّب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقد كَذَّب الله تعالى، ومن كذب الله تعالى، فهو مشرك، أو هو مثل قول القائل: "من توضأ صحت صلاته"، أي مع سائر الشرائط، فالمراد من مات حال كونه مؤمنًا بجميع ما يجب الإيمان به، وليس في قوله: "دخل الجنة" من الإشكال ما تقدم في سياق الحديث الماضي؛ لأنه أعمّ من أن يكون قبل التعذيب أو بعده.