وفي رواية البخاريّ:"ولقد رأيته أوّل يوم وُضِعَ، وأوّل يوم جلس عليه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-".
قال في "العمدة": وفائدة هذه الزيادة المؤكدة باللام، وكلمة "قد" الإعلام بقوة معرفته بما سألوه.
(قَالَ) أبو حازم (فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا عَبَّاسٍ) كنية سهل بن سعد -رضي اللَّه عنهما- (فَحَدِّثْنَا) أمر من التحديث، والفاء فيه فاء الفصيحة، أي إذا كنت تعرف هذا المنبر الذي تمارينا فيه هذه المعرفة المتميّزة، حيث عرفت من أي شيء عوده؟، ومن عَمِله؟، وأول يوم جلس عليه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فحدّثنا بهذا كلّه حتى ينقطع عنا النزاع والجدال.
(قَالَ) سعد -رضي اللَّه عنه- (أَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- إِلَى امْرَأَةٍ) قال في "الفتح": لا يعرف اسمها، لكنها أنصارية.
(قَالَ أَبُو حَازِمِ: إِنَّهُ) أي سهلًا (لَيُسَمِّهَا يَوْمَئِذٍ) أي يوم أن أخبرنا بهذا الخبر.
وفي رواية البخاريّ:"أرسل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى فلانة امرأة قد سمّاها سهلٌ"، فقوله:"إلى فلانة" كناية عن اسم المرأة، ممنوع من الصرف لوجود علتين فيه، العلمية، والتأنيث، وقوله:"امرأة" بالجر بدل عن "فلانة"، ويحتمل الرفعَ على أنه خبر مبتدأ محذوف، أي هي امرأة، والنصبَ على أنه مفعول لفعل محذوف، أعني امرأة.
قال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قوله: "أرسل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى امرأة انظري غلامك النجار. . . إلخ" هكذا رواه لسَهْل بن سعد -رضي اللَّه عنهما-، وفي رواية جابر -رضي اللَّه عنه- في "صحيح البخاريّ" وغيره: "أن المرأة قالت: يا رسول اللَّه، ألا أجعل لك شيئًا تقعد عليه؟؛ فإن لي غلامًا نَجّارًا، قال: إن شئتِ، فعملت المنبر"، وهذه الرواية في ظاهرها مخالفة لرواية سهل، والجمع بينهما أن المرأة عَرَضت هذا أوّلًا على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ثم بَعَث إليها النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يطلُب تنجيز ذلك. انتهى (١)، وهو جمع حسنٌ، واللَّه تعالى أعلم.