عليه أهل السنة والجماعة، وخالف فيه بعضهم، ولا اعتداد به، كما تقدّم بيانه مفصّلًا أول كتاب الإيمان.
٣ - (ومنها): بيان عظم شأن الحياء، وأنه من أفضل الشعب إذ يدعو إلى بقية الشعب، فمن كان حييًّا فإن حياءه يدعوه إلى أن يعمل بمقتضى إيمانه، ويتجنب ما يناقضه.
٤ - (ومنها): ما قاله الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى: في قوله: "أعلاها قول لا إله إلا الله": ما يَستدلّ به من يقول: إن هذه الكلمة أفضل الكلام مطلقًا، وإنها أفضل من كلمة الحمد، وفي ذلك اختلاف، ذكره ابن عبد البرّ، وغيره. انتهى.
٥ - (ومنها): أن في قوله: "أعلاها لا إله الا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق": إشارةً إلى أن مراتبها متفاوتة.
٦ - (ومنها): أن تعريف المسند إليه - أعني "الإيمان" - إنما يُقصد لإتمام الفائدة للسامع؛ لأن فائدته من الخبر إمّا الحكم، أو لازمه، كما بُيّن في موضعه، وفيه الفصل بين الجملتين بالواو؛ لأنه قُصد التشريك، وتعيين الواو؛ لدلالتها على الجمع، وفيه تشبيه الإيمان بشجرة ذات أغصان وشُعَب، كما شُبّه في حديث "بُني الإسلام على خمس" بخباء ذات أعمدة وأَطْناب.
٧ - (ومنها): ما قيل في وجه الحكمة في تخصيص الستين في رواية البخاريّ، والسبعين في رواية المصنّف، وأصحاب "السنن".
فأما الحكمة في تعيين الستيّن وتخصيصها، فهي أنّ العدد إما زائد، وهو ما أجزاؤه أكثر منه، كالاثني عشر، فإن لها نصفًا، وثلثًا، وربعًا، وسدسًا، ونصف سدس (١)، ومجموع هذه الأجزاء أكثر من اثني عشر، فإنه ستة عشر، وإما ناقص، وهو ما أجزاؤه أقلّ منه، كالأربعة، فإن لها الربع، والنصف فقط، وإمّا تامّ، وهو ما أجزاؤه مثله، كالستّة، فإن أجزاءها النصف، والثلث،
(١) الظاهر أنه لا حاجة إليه؛ لأن أجزاءه الحقيقيّة هي السابقة، وإلا فيلزمنا أن نذكر أيضًا نصف النصف، ونصف الربع، وهكذا، فليُتنبّه، والله تعالى أعلم.