والسدس، وهي مساوية للستّة، والفضل من بين الأنواع الثلاثة للتامّ، فلما أُريد المبالغة فيه جُعلت آحادها أعشارًا، وهي الستّون.
وأما الحكمة في تعيين السبعين فهي أن السبعة تشتمل على جملة أقسام العدد، فإنه ينقسم إلى فرد وزوج، وكلّ منهما إلى أول ومركّب، والفرد الأول ثلاثةٌ، والمركّب خمسة، والزوج الأول اثنان، والمركّب أربعةٌ، وينقسم أيضًا إلى مُنطق، كالأربعة، وأصمّ، كالستّة، والسبعة تشتمل على جميع هذه الأقسام، فلما أريد المبالغة فيه جُعلت آحادها أعشارًا، وهي السبعون.
وأما زيادة البِضْع على النوعين، فقد عُلم أنه يُطلق على الستّ، وعلى السبع؛ لأنه ما بين اثنين إلى عشرة وما فوقها، كما نصّ عليه صاحب "الموعب"، ففي الأول الستة أصل الستين، وفي الثاني السبعة أصل السبعين، كما ذكرناه، فهذا وجه تعيين أحد هذين العددين (١).
٨ - (ومنها): أن المراد من هذين العددين، هل هو حقيقة أم ذُكرا على سبيل المبالغة؟ فقال بعضهم: أريد به التكثير دون التعديد، كما في قوله تعالى:{إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً}[التوبة: ٨٠] الآية، قال الطيبيّ: الأظهر معنى التكثير، ويكون ذكر البضع للترقّي، يعني أن شُعَب الإيمان أعداد مبهمة، ولا نهاية لكثرتها؛ إذ لو أريد التحديد لم يُبهَم، وقال بعضهم: العرب تستعمل السبعين كثيرًا في باب المبالغة، وزيادةُ السبع عليها التي عبّر عنها بالبضع لأجل أن السبعة أكمل الأعداد؛ لأن الستة أول عدد تامّ، وهي مع الواحد سبعة، فكانت كاملة؛ إذ ليس بعد التمام سوى الكمال، وسُمّي الأسد سبعًا؛ لكمال قوّته، والسبعون غاية الغاية؛ إذ الآحاد غايتها العشرات.
٩ - (ومنها): ما وقع من الاختلاف في الترجيح بين الروايتين، فقال القاضي عياض رحمه الله تعالى: الصواب ما وقع في سائر الأحاديث، ولسائر الرواة:"بضع وسبعون"، ومنهم من رجّح رواية:"بضع وستّين"؛ لأنها الْمُتيَقَّن.
وقال النوويّ رحمه الله تعالى: الصواب ترجيح: "بضع وسبعين"؛ لأنها