للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

تصلي المكتوبة، وتصوم رمضان، وتتصدق بالأثوار (١)، وليس لها شيء غيره، ولا تؤذي أحدًا، قال: "هي في الجنة"، ولفظ الإمام أحمد: "ولا تؤذي بلسانها جيرانها" (٢).

وخرّج الحاكم من حديث أبي جحيفة - رضي الله عنه - وصححه، قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يشكو جاره، فقال له: "اطرَح متاعك في الطريق"، قال: فجعل الناس يمرّون به، ويلعنونه، فجاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله، ما لقيتُ من الناس، قال: "وما لقيت؟ " قال: يلعنوني، قال: "فقد لعنك الله قبل الناس"، قال: "يا رسول الله، فإني لا أعود"، وخرّجه أبو داود بمعناه من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، ولم يذكر فيه: "فقد لعنك الله قبل الناس" (٣).

وخرّج الخرائطي من حديث أم سلمة - رضي الله عنه -، قالت: دخلت شاة لجارة لنا، فأخذت قرصة لنا، فقصت إليها فأخذتها من بين لحييها، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنه لا قليلَ من أذى الجار" (٤).

فأما إكرام الجار والإحسان إليه فمأمور به، وقد قال الله تعالى: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا (٣٦)} [النساء: ٣٦]، فجمع الله تعالى في هذه الآية بين ذكر حقّه على العبد، وحقوق العباد على العباد أيضًا، وجَعَل العباد الذين أمر بالإحسان إليهم خمسة أنواع:

[أحدها]: مَن بينه وبين الإنسان قرابة، وخَصّ منهم الوالدين بالذكر؛


(١) "الأثوار جمع ثَوْر، وهو القطعة العظيمة من الأقط.
(٢) رواه أحمد (٢/ ٤٤٠)، والبخاريّ في "الأدب المفرد" (١١٩)، وصححه الحاكم في "المستدرك" ٤/ ١٦٦ ووافقه الذهبيّ، مع أن فيه أبا يحيى مولى جعدة بنت هُبيرة، لم يرو عنه غير الأعمش.
(٣) صححه ابن حبان، والحاكم، ووافقه الذهبي.
(٤) رواه الطبرانيّ في "المعجم الكبير" ٢٣/ ٥٣٥، وذكره الهيثميّ في "المجمع" ٨/ ١٧٠، وقال: رجاله ثقات.