للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَبِـ "هُنَا" أَوْ "هَهُنَا" أَشِرْ إِلَى … دَانِي الْمَكَانِ وَبِهِ الْكَافَ صِلَا

فِي الْبُعْدِ أَوْ بِـ "ثَمَّ" فُهْ أَوْ "هَنَّا" … وَبِ "هُنَالِكَ" انْطِقَنْ أَوْ "هِنَا"

إلا أنها تأتي أيضًا للزمان، فقد ذكر ابن مالك في "التسهيل" أن "هناك"، و"هنالك"، و"هَنَّا" بالتشديد قد يشار بها للزمان، نحو قوله تعالى: {هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ} [يونس: ٣٠]، أي في يوم نحشرهم، وقوله [من الكامل]:

وَإِذَا الأُمُورُ تَشَابَهَتْ … فَهُنَاكَ يَعْتَرِفُونَ أَيْنَ الْمَفْزَعُ

أي في وقت تشابه الأمور، وقوله:

حَنَّتْ نَوَارِ وَلَاتَ هَنَّا حَنَّتِ

أي ولات في ذلك الوقت حنين. انتهى (١).

(فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ) الخدريّ - رضي الله عنه - (أَمَّا) حرف شرط وتوكيد، وتفصيل (هَذَا) أي الرجل المنكر على مروان (فَقَدْ قَضَى مَا عَلَيْهِ) أي الذي وجب القيام به عليه، وهو الإنكار بلسانه، حيث لا يستطيع الإنكار بيده؛ لكون مروان هو الأمير، ثم ذكر أبو سعيد - رضي الله عنه - قوله، فقال: (سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "مَنْ) شرطيّة، ويحتمل أن تكون موصولةً، دخلت الفاء في خبرها؛ لشبهها بالشرط في العموم، وغيره، كما هو موضّح في محلّه (رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ) إذا كان مما يَحتاج في تغييره إلى اليد، مثل كسر أواني الخمر، وآلات اللهو؛ كالمزامير، والأوتار، والطبل، وكمنع الظالم من الضرب، والقتل، وغير ذلك، (فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ) أي إن لم يستطع تغييره بيده، فليُنكره بلسانه، بأن يقول ما يُرْتجَى نفعه، من لِين، أو إغلاظ، حسبما يكون أنفع، فقد يُبْلَغ بالرفق، والسياسة، ما لا يُبْلَغ بالسيف والرياسة، (فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ) أي فليُغيره بقلبه، ومعناه أن يكره ذلك الفعل بقلبه، ويَعْزِم على أن لو قدر على تغييره لغيّره (وَذَلِكَ) أي الاكتفاء بالكراهة بالقلب (أَضْعَفُ الْإِيمَانِ) أي أضعف خصال الإيمان.

يعني أن تغيير المنكر بقلبه، وهو إنكاره آخر خصلة من الخصال المتعيّنة على المؤمن في تغيير المنكر، فلم يبق بعدها للمؤمن مرتبة أخرى في تغييره،


(١) راجع: "حاشية الخضري على شرح ابن عَقِيل على الخلاصة" ١/ ٩٣ - ٩٤.