للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الحسّ أن يَلِجَ في آذانهم، فينتبهوا، وفي حديث أبي سعيد -رضي اللَّه عنه-: "ما أحد ينام، إلا ضُرِب على سِمَاخِه بجرير معقود"، أخرجه المخلص في "فوائده"، و"السماخ" -بكسر المهملة، وآخره معجمة، ويقال بالصاد المهملة بدل السين-، وعند سعيد بن منصور بسند جيّد عن ابن عمر -رضي اللَّه عنهما-: "ما أصبح رجل على غير وتر إلا أصبح على رأسه جرير قدر سبعين ذراعًا".

(عَلَيْكَ لَيْلًا طَوِيلًا) هكذا هو في معظم نسخ بلادنا في "صحيح مسلم"، وكذا نقله القاضي عن رواية الأكثرين: "عليك ليلًا طويلًا" بالنصب على الإغراء، ورواه بعضهم: "عليك ليلٌ طويلٌ" بالرفع؛ أي: بقي عليك ليلٌ طويلٌ، قاله النوويُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-.

ووقع عند البخاريّ في جميع طرقه: "عليك ليلٌ طويلٌ" بالرفع على الابتداء؛ أي: باق عليك، أو بإضمار فعل؛ أي: بَقِيَ.

وقال القرطبيُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: روايتنا الصحيحة: "عليك ليلٌ طويلٌ" على الابتداء والخبر، وقد وقع في بعض الروايات: "عليك ليلًا طويلًا" بالنصب على الإغراء، والرفع أولى من جهة المعنى؛ لأنه الأمكن في الغرور من حيث إنه يخبره عن طول الليل، ثم يأمره بالرُّقَاد بقوله: "فارقُدْ"، وإذا نُصِب على الإغراء لم يكن فيه إلا الأمر بملازمة طول الرُّقَاد، وحينئذ يكون قوله: "فارقُدْ" ضائعًا. انتهى (١).

ومقصود الشيطان بذلك تسويفه بالقيام، والإلباس عليه.

قال في "الفتح": ظاهره اختصاص ذلك بنوم الليل، وهو كذلك، لكن لا يبعد أن يجيء مثله في النهار كالنوم حالة الإبراد مثلًا.

وقال الطيبيُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قوله: "يضرب على كلّ عُقدة عليك ليل طويلٌ": "على" الأولُ متّصلٌ بـ "يضرب"، والثاني مع ما بعده مفعول للقول المحذوف؛ أي: يُلقي الشيطان على كلّ عقدة يعقدها هذا القول، وهو قوله: "عليك ليلٌ طويلٌ"، قال صاحب "المغرب": يقال: ضرب الشَّبَكةَ على الطائر: ألقاها عليه، و"عليك" إما خبر لقوله: "ليلٌ"؛ أي: ليلٌ طويلٌ باق عليك، أو إغراء؛


(١) "المفهم" ٢/ ٤٠٩.