للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معدود في الصحابة -رضي الله عنهم-، وله أيضًا رواية عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقد نص الإمام أبو حاتم الرازي على أن قتادة لم يلق من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا أنس بن مالك، وعبد الله بن سَرْجِسَ، وذكر البخاري في "تاريخه" أنه سمع أنسا، وأبا الطفيل، ولم يذكر له من الصحابة غيرهما.

والعذر لمسلم رحمه اللهُ أنه إنما أخرج هذا الحديث بهذا الإسناد، في الشواهد؛ ليبين -والله أعلم- أنه قد روي من غير وجه، عن ابن عباس، وإلا فقد أخرجه قبل ذلك من حديث أبي التياح، عن موسى بن سلمة، عن ابن عباس متصلا، فثبت اتصاله في الكتاب. والله الموفق (١) للصواب.

[(٣٢) - الحديث التاسع عشر]

وأخرج أيضًا في "كتاب الأدب" (٢) حديث عراك بن مالك الغفاري المدني، عن عائشة -رضي الله عنها-، أنها قالت: "جاءتني مسكينة تحمل ابنتين لها، فأطعمتها ثلاث تمرات ... " الحديث.

قلت: وفي سماع عراك من عائشة -رضي الله عنها- نظر، فإنه إنما يروي عن عروة، عن عائشة. وقد ذكر الإمام أبو عبد الله، أحمد بن حنبل رحمه اللهُ، أن حديثه عن عائشة مرسل. وقال موسى بن هارون الحافظ: لا نعلم له سماعا من عائشة. وقال أبو الفضل الحافظ حفيد أبي سعد الزاهد في كلامه على هذا الحديث: هذا عندنا حديث مرسل، واستدل بما ذكرناه من قول أحمد بن حنبل، وموسى بن هارون، ولم يخرج البخاري لعراك عن عائشة شيئا. وأخرج له ابن ماجه عنها حديثين، وحديثه عن رجل عنها لا يدل على عدم سماعه بالكلية منها، لا سيما وقد جمعهما بلد واحد، وعصر واحد، وهذا ومثله محمول على السماع عند مسلم رحمه اللهُ، حتى يقوم الدليل على خلافه، كما نص عليه في "مقدمة كتابه"، فسماع عراك من عائشة -رضي الله عنها- جائز ممكن، وقد ثبت سماعه من أبي هريرة وغيره من الصحابة -رضي الله عنهم-. والله أعلم.

ومما يشبه هذا الحديث في إسناده، حديث أخرجه مسلم رحمه اللهُ في "البر والصلة" (٣) من رواية ابن عيينة، عن أبي مُحيصن، وهو عمر بن عبد الرحمن بن محيصن المقرىء، عن محمد بن قيس بن مخرمة، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: لما نزلت: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ} الحديث. وقد ذكر بعض الحفاظ أن محمد بن قيس هذا لم يسمع من أبي هريرة. قلت:


(١) كان الأولى أن يقول: وبالله التوفيق، كما سبق التنبيه عليه. والله تعالى أعلم.
(٢) "كتاب البرّ والصلة الآداب" "باب فضل الإحسان إلى البنات" ٤/ ٢٠٢٧ حديث ١٤٨.
(٣) "باب ثواب المؤمن فيما يصيبه من مرض أو حزن أو نحو ذلك" ٤/ ١٩٩٣ حديث ٢٥٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>