للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المتشابهون، أو الأُمّة بعد الأُمّة، أو الجماعة من الناس يَعدِلون مثلهم (١).

وفي الاصطلاح قوم تقاربوا في السنّ، والإسناد، أو في الإسناد فقط، بأن يكون شيوخ هذا هم شيوخ الآخر، أو يقاربوا شيوخه، وقد يكون الشخصان من طبقة باعتبار، ومن طبقتين باعتبار آخر، فمثلًا أنس بن مالك -رضي الله عنه- وشبهه من أصاغر الصحابة -رضي الله عنهم- هم مع العشرة المبشرين بالجنة -رضي الله عنه- في طبقة الصحابة، وعلى هذا فالصحابة كلهم طبقة واحدة؛ باعتبار اشتراكهم في الصحبة، واثنتا عشرة طبقةً باعتبار تفاوت مراتبهم، وكذلك التابعون طبقة ثانية، وأتباعهم طبقة ثالثة بالاعتبار المذكور، وهلُمّ جرًّا.

وفائدة معرفة هذا العلم الأمنُ من تداخل المشتبهين في اسم، أو كنية، ونحو ذلك، وإمكان الاطلاع على تبيين التدليس، والوقوف على حقيقة المراد من العنعنة (٢).

وإلى ما ذُكر أشار الحافظ السيوطيّ في ألفية المصطلح بقوله:

وَالطَّبَقَاتُ لِلرُّوَاةِ تُعْرَفُ ... بِالسِّنِّ وَالأَخْذِ وَقَدْ تَخْتَلِفُ

فَالصَّاحِبُونَ بِاعْتِبَارِ الصُّحْبَهْ ... عَشَرَةٌ وَفَوْقَ عَشْرِ رُتْبَهْ

وَمِنْ مُفَادِ النَّوْعِ أَنْ يُفَصَّلًا ... عِنْدَ اتِّفَاقِ الاسْمِ وَالَّذِي تَلَا

والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

المسألة الثالثة: في بحث يتعلّق بتقسيمه الحديث إلى ثلاثة أقسام، وثلاث طبقات أيضًا

اعلم: أن الإمام مسلمًا رَحِمَهُ اللهُ تعالى قد قسّم الأحاديث في كتابه على ثلاثة أقسام، وثلاث طبقات من الناس، وفصّل ذلك تفصيلًا حسنًا، وكذلك غيره من أهل العلم بالحديث لهم تقسيمات تختلف بحسب مقاصدهم، كما سنوضّحه الآن.

قال الإمام أبو سليمان الخطّابيّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى في كتابه "معالم السنن": الحديث عند أهله على ثلاثة أقسام: صحيح، وحسنٌ، وسقيم.

فأما الصحيح: فهو ما اتصل سنده، وعُدِّلت نَقَلَته. والحسن ما عُرف مَخْرَجه، واشتهر رجاله، وعليه مدار أكثر الحديث، هو الذي يقبله أكثر العلماء، ويستعمله عامّة الفقهاء. والسقيم على طبقات: شرّها الموضوع، ثم المقلوب، ثم المجهول. انتهى (٣).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: مراد الخطابي رَحِمَهُ اللهُ تعالى بقوله: "الحديث عند


(١) انظر "لسان العرب" ١٠/ ٢١٠ و"القاموس المحيط" ٣/ ٢٥٦ و"التدريب" ٢/ ٣٨١.
(٢) راجع "التقريب"، مع شرحه "التدريب" ٢/ ٣٨٠ - ٣٨٣.
(٣) "معالم السنن" ١/ ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>