للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للانقطاع المذكور، وللاضطراب في رفعه ووقفه، ولا يقال: إنه يَتَقَوَّى بالشواهد المذكورة، من حديث معاذ، وجابر، وعليّ -رضي الله عنهم- لأنها كلّها ضعاف. فتبصّر بالتأكيد، ولا تكن أسير التقليد، فإنه حجة البليد، وملجأ العنيد. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

ولما أنهى الكلام على القسمين الأولين أتبعهما بالكلام على الثالث، فقال:

(فَأَمَّا مَا كَانَ مِنْهَا عَنْ قَوْمٍ هُمْ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ مُتَّهَمُونَ، أَوْ عِنْدَ الأَكْثَرِ مِنْهُمْ، فَلَسْنَا نَتَشَاغَلُ بِتَخْرِيجِ حَدِيثِهِمْ، كَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مِسْوَرٍ، أَبِي جَعْفَرٍ الْمَدَائنِيِّ، وَعَمْرِو بْنِ خَالِدٍ، وَعَبْدِ الْقُدُّوسِ الشَّامِيِّ، وَمُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ الْمَصْلُوبِ، وَغِيَاثِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، وَسُلَيْمَانَ بْنِ عَمْرٍو، أَبِي دَاوُدَ النَّخَعِيِّ، وَأَشْبَاهِهِمْ مِمَّنِ اتُّهِمَ بِوَضْعِ الْأحَادِيثِ، وَتَوْلِيدِ الْأَخْبَارِ).

إيضاح المعنى الإجماليّ لهذه الفِقرة:

بيّن رحمه اللهُ تعالى بهذه الفقرة أنه لا يشتغل بإخراج الأخبار التي رواها قوم اتهمهم أهل الحديث، أو أكثرهم بوضع الأحاديث، واختلاق الأخبار، كأبي جعفر عبد الله بن مِسور المدائنيّ، وعبد القدّوس الشاميّ، إلى آخر من ذكرهم، وكذلك كل من أشبههم في الاتهام المذكور. والله تعالى أعلم.

إيضاح الشرح التفصيليّ لهذه الفقرة:

قوله: (فَأمَّا ما) واقعة على الأخبار، مبتدأ، خبره قوله: "فلسنا نتشاغل"، والجملة جواب "أما": فأما الأخبار التي (كَان مِنْهَا) أي من الأخبار (عَنْ قَوْمٍ، همْ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ) أي عند جميعهم (مُتَّهَمُونَ) أي مظنونون بكذبهم، يقال: اتّهمته بالتثقيل على افتعلت: أي ظننت به سوءًا، وأتهمته بالألف مثله، فهو تَهِيم. أفاده في "المصباح" (أَوْ عِنْدَ الْأَكْثَرِ مِنْهُمْ) أي من أهل الحديث (فَلَسْنَا نَتَشَاغَلُ بِتَخْرِيجِ حَدِيثِهِمْ) أي لكونه مما لا يجوز العمل به، فلا فائدة في تخريجه في كتاب التزم صاحبه أن لا يخرّج إلا ما كان صحيحًا.

ثم ضرب أمثلة لهؤلاء المتّهمين عند أهل الحديث، فقال:

(كَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مِسْوَرٍ) بكسر الميم، وسكون السين المهملة، وفتح الواو (أَبِي جَعْفَرٍ) بالجرّ بدل من عبد الله (الْمَدَائِنِيِّ) نسبة إلى المدائن مدينة على سبعة فراسخ من بغداد. قاله في "لبّ اللباب" ٢/ ٢٤٦.

وأبو جعفر هذا هو عبد الله بن المسور بن عون بن جعفر بن أبي طالب الهاشميّ

<<  <  ج: ص:  >  >>