للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأَصْبَحُوا قَدْ أَعَادَ اللهُ نِعْمَتَهُمْ ... إِذْ هُمْ قُرَيْشٌ وَإِذْ مَا مِثْلُهُمْ بَشَرُ

(كَانَ خَبَرُ الْفَاسِقِ غَيْرَ مَقْبُولٍ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ) أي عند جميعهم؛ إذ لا خلاف بينهم في ذلك (كَمَا أَنَّ شَهَادَتَهُ مَرْدُودَةٌ عِنْدَ جَمِيعِهِمْ) أي لقوله عزّ وجلّ: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} الآية السابقة. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

مسائل تتعلق بكلام المصنّف رحمه اللهُ تعالى السابق:

[(المسألة الأولى): في الكلام على سبب نزول الآية الأولى]

قال الحافظ ابن كثير رحمه اللهُ تعالى: قد ذكر كثير من المفسرين أن هذه الآية نزلت في الوليد بن عقبة بن أبي معيط، حين بعثه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على صدقات بني المصطلق، وقد رُوي ذلك من طرق، أحسنها ما رواه الإمام أحمد في "مسنده" من رواية ملك بني المصطلق، وهو الحارث بن أبي ضرار، والد جويرية بنت الحارث، أم المؤمنين -رضي الله عنها-، قال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن سابق، حدثنا عيسى بن دينار، حدثني أبي، أنه سمع الحارث بن ضرار الخزاعي، قال: قدمت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فدعاني إلى الإسلام، فدخلت فيه، وأقررت به، ودعاني إلى الزكاة، فأقررت بها، وقلت: يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أرجع إليهم، فأدعوهم إلى الإسلام، وأداء الزكاة، فمن استجاب لي جمعت زكاته، وترسل إلي يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رسولا إِبّانَ كذا وكذا؛ ليأتيك بما جمعت من الزكاة، فلما جمع الحارث الزكاة ممن استجاب له، وبلغ الإِبّان الذي أراد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أن يبعث إليه احتبس عليه الرسول، ولم يأته، وظن الحارث أنه قد حدث فيه سخطة من الله تعالى ورسوله، فدعا بسَرَوات قومه، فقال لهم: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، كان وَقّت لي وقتا يُرسل إليّ رسوله ليقبض ما كان عندي من الزكاة، وليس من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الخلف، ولا أرى حَبَس رسوله إلا من سخطة، فانطلقوا بنا نأتي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الوليد بن عقبة إلى الحارث ليقبض ما كان عنده مما جمع من الزكاة، فلما أن سار الوليد حتى بلغ بعض الطريق فَرِق -أي خاف- فرجع، حتى أتى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال: يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إن الحارث قد منعني الزكاة، وأراد قتلي، فغضب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وبعث البعث إلى الحارث، وأقبل الحارث بأصحابه حتى إذا استقبل البعث، وفصل عن المدينة لقيهم الحارث، فقالوا: هذا الحارث، فلما غشيهم قال لهم: إلى من بُعثتم؟ قالوا: إليك، قال: ولم؟ قالوا: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعث إليك الوليد بن عقبة، فزعم أنك منعته الزكاة، وأردت قتله، قال: لا والذي بعث محمدا بالحق ما رأيته بَتّةً، ولا أتاني، فلما دخل الحارث على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "منعت الزكاة، وأردت قتل رسولي؟ "، قال: لا والذي بعثك بالحق ما رأيته، ولا أتاني، وما أقبلت إلا حين احتبس علي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، خشيت أن يكون كانت سخطة من الله تعالى ورسوله، قال: فنزلت الحجرات: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ} إلى قوله: {حَكِيمٌ} [الحجرات: ١ - ٨]. ورواه ابن أبي حاتم عن

<<  <  ج: ص:  >  >>