للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد تعقّب الحافظ قول الأنصاري: إن أنسا عاش مائة وسبع سنين، فقال: فيه نظر؛ لأن أكثر ما قيل في سنه إذ قدم النبي -صلى الله عليه وسلم- عشر سنين، وأقرب ما قيل في وفاته سنة (٩٣) فعلى هذا غاية ما يكون عمره مائة سنة وثلاث سنين، وقد نَصّ على ذلك خليفة بن خياط في "تاريخه"، فقال: مات سنة (٩٣) وهو ابن (١٠٣) سنة، وأعجب من قول الأنصاري قول الواقدي: إنه مات سنة (٩٢) وله (٩٩) سنة، وكذا قال معتمر عن حميد، إلا أنه جزم بأنه مات سنة (٩١)، فهذا أشبه، وقول خليفة أصح، وحكى الحذاء في رجال "الموطإ" أنه يكنى أبا النضر. أخرج له الجماعة، وله في هذا الكتاب (٤٨٥) حديثًا. والله تعالى أعلم.

[لطائف هذا الإسناد]

(منها): أنه من رباعيّات المصنف رحمهُ اللهُ تعالى، وهو أعلى ما وقع له من الأسانيد، وهو أول رباعيّات الكتاب. (ومنها): أن رجاله كلهم رجال الجماعة، غير شيخه، فما أخرج له الترمذيّ.

ومنها: أن في قوله: "يعني ابن عليّة" استعمالًا للقاعدة المشهورة، وهي أنه إذا لم يقع للراوي من شيخه نسبة شيخ شيخه إلى أبيه، أو نحوه، وأراد أن ينسبه هو أتى بما يفصل كلامه من كلام شيخه، من نحو "يعني"، أو "هو"، أو "أنه"، وإلى هذا أشار السيوطيّ رحمهُ اللهُ تعالى في "ألفية الحديث"، حيث قال:

وَلا تَزِدْ فِي نَسَبٍ أَوْ وَصْفِ مَنْ ... فَوْقَ شُيُوخٍ عَنْهُمُ مَا لم يُبَنْ

بِنَحْوِ "يَعْنِي" أوْ بِـ " أَنَّ" أَوْ بِـ "هُو" ... أَمَّا إِذَا أَتَمَّهُ أَوَّلَهُ

أَجِزْهُ فِي الْبَاقِي لَدَى الْجُمْهُورِ ... وَالْفَصْلُ أَوْلَى قَاصِرَ الْمَذْكُورِ

ومنها: أنه مسلسل بالبصريين، غير شيخه، فنسائيّ، ثم بغداديّ.

ومنها: أن من طُرَف ما يتعلق بإسماعيل ابن علية ما ذكره الخطيب البغدادي، قال: حَدّث عن إسماعيل ابن علية بنُ جريج، وموسى بن سهل الْوَشّا، وبين وفاتيهما مائة وتسع وعشرون سنة، وقيل: سبع وعشرون، قال: وحَدّث عن ابن علية إبراهيم بن طهمان، وبين وفاته ووفاة الوشّا مائة وعشر سنين، وقيل: مائة وخمس وعشرون سنة، قال: وحدَّث عن ابن علية شعبة، وبين وفاته ووفاة الوشا مائة وثماني عشر سنة، وحَدَّث عن ابن علية عبدُ الله بن وهب، وبين وفاته ووفاة الوشّا إحدى وثمانون سنة، مات الوَشّا يوم الجمعة، أول ذي القعدة سنة ثمان وتسعين ومائتين. ذكره النوويّ في "شرحه" (١).


(١) "شرح صحيح مسلم" ١/ ٦٦ - ٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>