للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأكثر الرواة يقولون: "عبد" بغير هاء، والصواب إثباتها، وهو قول الْحُفاظ: أحمد بن حنبل، وعلي بن المدينيّ، ويحيى بن معين، والدارقطني، وعبد الغنيّ بن سعيد، وغيرهم. انتهى (١).

وقال في "التقريب": عامر بن عبدة -بفتح الموحّدة، وبسكونها- البجليّ، أبو إياس الكوفيّ، وثّقه ابن معين، من الثالثة.

أخرج له المصنّف هنا في "المقدّمة" فقط، وأبو داود في "القدر".

[تنبيه]: هذا الإسناد اجتمع فيه لطيفتان: من لطائف الإسناد: [إحداهما]: أنه إسناد كوفي كله.

[والثانية]: أن فيه ثلاثةً من التابعين يروي بعضهم عن بعض: وهم الأعمش، والمسيب، وعامر. قال النوويّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: وهذه فائدة نفيسة، قَلَّ أن يجتمع في إسناد هاتان اللطيفتان. انتهى (٢). والله تعالى أعلم.

[شرح الأثر]

عن عامر بن عبَدَة، أنه (قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ) بن مسعود -رضي الله عنه-، تقدّمت ترجمته في ١/ ١١ (إِنَّ الشَّيْطَانَ) قال الفيوميّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: فيه قولان: أحدهما: أنه من شَطَنَ: إذا بعُد عن الحقّ، أو عن رحمة الله، فتكون النون أصليّةً، ووزنه فيعالٌ، وكلُّ عاتٍ متمرّدٍ من الجنّ، والإنس، والدوابّ، فهو شيطان، ووصَفَ أعرابيّ فرسه، فقال: كأنه شيطان في أشطان (٣). والقول الثاني: أن الياء أصليّة، والنون زائدة، عكس الأول، وهو من شاط يَشِيطُ: إذا بطل، أو احترق، فوزنه فَعْلان. انتهى (٤).

(لَيَتَمَثَّلُ) بفتح اللام، وهي لام الابتداء، كما قال في "الخلاصة":

وَبَعْدَ ذَاتِ الْكَسْرِ تَصْحَبُ الْخَبَرْ ... لَامُ ابْتِدَاءٍ نَحْوُ إِنِّي لَوَزَرْ

وإنما نبّهتُ عليه، وإن كان واضحًا لأني رأيت في بعض النسخ ضبط اللام بالكسر ضبط قلم، فخشيت أن يغترّ به القاصر. والله تعالى أعلم. ومعنى يتمثّل: يتصوّر (فِي صُورَةِ الرَّجُلِ) بالتعريف بأل العهديّة: في صورة الرجل الذي يعرفه القوم الذين يأتيهم، وإنما تصوّر في الصورة المعروفة لهم؛ زيادة في التغرير والتلبيس؛ إذ لو أتاهم


(١) "شرح مسلم" ١/ ٧٧.
(٢) "شرح مسلم" ١/ ٧٧.
(٣) جمع شَطَنٍ بالتحريك: وهو الحبل.
(٤) "المصباح المنير" ١/ ٣١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>