للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو زرعة، وأبو حاتم: ثقة. وفي "صحيح البخاري": قال ابن أبي مليكة: أدركت ثلاثين من أصحاب النبيّ -صلى الله عليه وسلم-. وقال ابن سعد: ولاه ابن الزبير قضاء الطائف، وكان ثقة، كثير الحديث، وهو عبد الله بن عبيد الله بن عبد الله بن أبي ملكية زهير، وكذا نسبه الزبير، وابن الكلبي، وغيرهما. وقال البخاري: يكنى أبا محمد، وله أخ يقال له: أبو بكر. وقال العجلي: مكي تابعي ثقة. وقال ابن حبان في "الثقات": رأى ثمانين من الصحابة. وقال البخاري وغير واحد: مات سنة سبع عشرة ومائة. وقيل: سنة (١١٨) وكذا أرخه ابن قانع.

وقال في "التقريب": ثقة فقيهٌ، من الثالثة.

أخرج له الجماعة، وله في "صحيح مسلم" (٣٠) حديثًا والله تعالى أعلم.

[شرح الأثر]

(عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ) رَحِمَهُ اللهُ تعالى، أنه (قَالَ: كَتَبْتُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ) رضي الله عنهما. ولعل هذه الكتابة كانت من مكّة إلى البصرة حينما كان ابن عبّاس رضي الله تعالى عنهما مقيمًا بها. والله تعالى أعلم. وقوله: (أَسْأَلُهُ) في محلّ نصب على الحال من فاعل "كتبت" (أَنْ يَكْتُبَ لِي كِتَابًا، وَيُخْفِي عَنِّي) هذا مما اختلف العلماء في ضبطه، فقال القاضي عياض رَحِمَهُ اللهُ تعالى: ضبطنا هذين الحرفين وهما: "ويخفى عني"، "وأُخْفِي عنه" بالحاء المهملة فيهما، عن جميع شيوخنا، إلا عن أبي محمد الْخُشَنيّ، فإني قرأتهما عليه بالخاء المعجمة. قال: وكان أبو بحر يحكي لنا عن شيخه القاضي أبي الوليد الكنانيّ أن صوابه بالخاء المعجمة، قال القاضي عياض رَحِمَهُ اللهُ تعالى: ويظهر لي أن رواية الجماعة هي الصواب، وأن معنى "يُحْفِي" ينْقُصُ، من إحفاء الشوارب، وهو جَزُّها: أي يُمسك عني من حديثه، ولا يُكثر عليّ، أو يكون الإحفاء الإلحاح، والاستقصاء، ويكون "عني" بمعنى "عليّ": أي يستقصي ما يُحدثني به. قال: وحكى المفجّع اللغويّ (١) في "المنقذ": أحفى فلان على فلان في الكلام: إذا أربى عليه، وزاد. انتهى كلام القاضي عياض رَحِمَهُ اللهُ ببعض تصرّف (٢).

قال النوويّ: وذكر صاحب "مطالع الأنوار" قول القاضي، ثم قال: وفي هذا نظر، قال: وعندي أنه بمعنى المبالغة في الْبِرّ به، والنصيحة له، من قوله تعالى: {إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا} [مريم: ٤٧]. أي أبالغ له، وأستقصي في النصيحة له، والاختيار فيما


(١) هو محمد بن أحمد بن عبد الله، أو عبيد الله البصريّ الأديب الشاعر النحويّ، أبو عبد الله الشيعيّ، صحب ثعلبًا.
(٢) "إكمال المعلم" ١/ ١٢١ - ١٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>