للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالكوفة، وهم يقدمون خمسة، من بدأ بالحارث ثَنَّى بعَبيدة، ومن بدأ بعَبيدة ثَنّى بالحارث، ثم علقمة الثالث، لا شك فيه. وقال منصور عن إبراهيم: كان أصحاب عبد الله الذين يُقرئون الناس، ويعلمونهم السنة، ويصدر الناس عن رأيهم ستة: علقمة، والأسود، وذكر الباقين. وقال غالب أبو الهذيل: قلت لإبراهيم: أعلقمة كان أفضل، أو الأسود؟ فقال: علقمة، وقد شهد صفين. وقال أبو إسحاق عن مرة الهمداني: كان علقمة من الربانيين. وقال أبو إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد: قال عبد الله: ما أقرأ شيئًا، ولا أعلمه إلا علقمة يقرؤه، ويعلمه. وقال قابوس بن أبي ظبيان عن أبيه: أدركت ناسا من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-، يسألون علقمة، ويستفتونه. قال أبو نعيم: مات سنة إحدى وستين. وقال ابن معين، وغير واحد: مات سنة (٦٢). وقيل: سنة (٣). وقيل: سنة (٥). وقيل: سنة (٧٢). وقيل: سنة (٧٣). وقال هارون بن حاتم، عن عبد الرحمن بن هانئ: مات وله تسعون سنة.

وقال في "التقريب": ثقة، ثبتٌ، فقيهٌ، عابدٌ، من الثانية، مات بعد الستين، وقيل: بعد السبعين. انتهى.

أخرج له الجماعة، وله في "صحيح مسلم" (٣٥) حديثًا.

[تنبيه]: كان الأسود، وعبد الرحمن ابنا يزيد بن قيس، ولدا أخي علقمة أسن منه. والباقون تقدّموا قريبًا. والله تعالى أعلم.

[شرح الأثر]

(عَنْ مُغِيرَةَ) بن مِقسم المتقدّم قبل حديث (عَنْ إِبْرَاهِيمَ) بن يزيد النخَعيّ، أنه (قَالَ: قَالَ عَلْقَمَةُ) بن قيس النخَعيّ، أنه (قَالَ: قَرَأْتُ الْقُرْآنَ فِي سَنَتَيْنِ) أي حفظت القرآن كلّه في مدّة سنتين (فَقَالَ الْحَارِثُ) بن عبد الله الأعور (القُرْآنُ هَيِّنٌ) أي حفظ القرآن سهل، لا مشقّة فيه (الْوَحْيُ أَشَدُّ) أي حفظ الوحي أشدّ من حفظ القرآن. وأشار بالوحي إلى ما تدّعيه الشيعة بزعمها الباطل أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أسرّ إلى عليّ -رضي الله عنه- من الوحي، وعلم الغيب ما لم يُطلع عليه غيره. قال القاضي عياض رحمه الله تعالى: قوله: "القرآن هيّنٌ، والوحي أشدّ" أورده في جملة ما أُنكر من قول الحارث، وشناعة مذهبه، وأُخذ عليه فيه من الغلوّ، والتشيّع، والكذب، ومذهب الرفض، وأرجو أن يكون هذا من أخفّ أقواله؛ لاحتماله الصواب، فقد فسّره بعضهم أن المراد بالوحي هنا الكتابة والخطّ. وعن الخطّابي مثله. قال ابن دُريد: وحى يَحِي وَحْيًا: إذا كتب. وقال الهرويّ: قوله تعالى: {فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا} [مريم: ١١]: أي كتب لهم في الأرض، إذ كان لا يتكلّم. وقيل: أوحى: رمز، وقال بعض اللغويين: وَحَى، وأوحى واحد، وقاله صاحب "الأفعال"، وعلى هذا فليس على الحارث دَرَكٌ، وعليه الدَّرَك في غير ذلك، لكنه لما

<<  <  ج: ص:  >  >>