للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سعيد، هل روى مسلم عن الحميديّ؟ فقال: لم أره إلا في هذا الموضع، وما أبعد ذلك، أو يكون سقط قبل الحميدي رجل. قال القاضي عياض: وعبد الغنيّ إنما رأى من مسلم نسخة ابن ماهان، فلذلك قال ما قال، ولم تكن نسخة الْجُلُوديّ دخلت مصر. قال: وقد ذكر مسلم قبل هذا: حدثنا سلمة، حدثنا الْحُمَيديّ في حديث آخر، كذا هو عند جميعهم، وهو الصواب هنا أيضًا، إن شاء الله تعالى. انتهى (١). والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

قال المصنف رحمهُ اللهُ تعالى بالسند المتصل إليه أول الكتاب:

٦٥ - (قَالَ مسْلِم: وَسَمِعْتُ أَبَا غَسَّانَ، مُحَمَّدَ بْنَ عَمْرٍو الرَّازِيَّ، قَالَ: سَأَلْتُ جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ الْحَمِيدِ، فَقُلْتُ: الْحَارِثُ بْنُ حَصِيرَةَ لَقِيتَهُ؟ قَالَ: نَعَمْ، شَيْخٌ طَوِيلُ السُّكُوتِ، يُصِرُّ عَلَى أَمْرٍ عَظِيمٍ).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: "مسلم" هو ابن الحجّاج، صاحب الكتاب، والقائل: قال مسلم تلميذه، ويحتمل أن يكون مسلم نفسه هو القائلَ، فيكون فيه التفات. و"أبو غسّان" بفتح الغين المعجمة، وتشديد السين المهملة، هو محمد بن عمرو الرازيّ الملقّب بـ "زُنَيج"، وقد تقدّم قريبًا في ٤/ ٥٥. و"جرير بن عبد الحميد": هو الضبيّ الكوفيّ، نزيل الريّ، وقاضيها، تقدّم في ٤/ ٤٧. والله تعالى أعلم.

[شرح الأثر]

عن مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو الرَّازِيّ، أنه (قَالَ: سَأَلْتُ جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ الْحَمِيدِ) وقوله: (فَقُلْتُ) تفسير للسؤال (الْحَارِثُ بْنُ حَصِيرَةَ لَقِيتَهُ؟ ) بتقدير همزة الاستفهام، ورفع الحارث على الابتداء، وخبره الجملة بعده، ويجوز نصبه على الاشتغال، لكن الأول أولى؛ لعدم ما يوجب النصب، ولا الرفع، ولا ما يرجّح النصب، ولا ما يستوي فيه الأمران، كما أشار إلى تفاصيل هذه الأحوال في "الخلاصة" بقوله:

وَالنَّصْبُ حَتْمٌ إِنْ تَلَا السَّابِقُ مَا ... يَخْتَصُّ بِالْفِعْلِ كَإِنْ وَحَيْثُمَا

وَإِنْ تَلَا السَّابِقُ مَا بِالابْتِدَا ... يَخْتَصُّ فَالرَّفْعَ الْتَزِمْهُ أَبَدَا

كَذَا إِذَا الْفِعْلُ تَلَا مَا لَمْ يَرِدْ ... مَا قَبْلُ مَعْمُولًا لِمَا بَعْدُ وُجِدْ

وَاخْتِيرَ نَصْبٌ قَبْلَ فِعْلٍ ذِي طَلَبْ ... وَبَعْدَ مَا إِيلَاؤُهُ الْفِعْلَ غَلَبْ

وَبَعْدَ عَاطِفٍ بِلَا فَصْلٍ عَلَى ... مَعْمُولِ فِعْلٍ مُسْتَقِرٍّ أَوَّلَا

وَإِنْ تَلَا الْمَعْطُوفُ فِعْلًا مُخْبَرَا ... بِهِ عَنِ اسْمٍ فَاعْطِفَنْ مُخَيَّرَا


(١) راجع "شرح النوويّ على صحيح مسلم" ١/ ١٠٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>