للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المخالف لهم (١). والله الموفق.

وذلك خلاف ما ظهر من أبي عمر بن عبد البر من أن الصحيح عن مالك ما رواه عنه الجماعة من قولهم: عن عروة عن عمرة إلا أن أبا عمر لم يتعرض للصحيح في نفس الأمر ما هو؟ .

وفيما ذكره أيضا أبو عمر، عن الدارقطني، من أن رواية أبي المصعب مثلُ رواية من سَمَّى معه خلاف لما قاله أبو عيسى الترمذيّ، عن أبي المصعب، وما قاله أبو عيسى عنه أولى، فإنه سمع ذلك منه قراءةً. انتهى كلام ابن رشيد رحمه الله تعالى (٢).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: خلاصة تعقّب ابن رشيد على المصنّف رحمهما الله تعالى أن المصنّف أراد ترجيح الإرسال على الوصل في هذا الحديث، فتعقّبه بأن كلا الطريقين صحيحان، ولذلك أخرجهما البخاريّ في "صحيحه" من كليهما، فأخرجه من طريق ابن شهاب، عن عروة وعمرة، جميعًا عن عائشة -رضي الله عنها-، وأخرجه من طريق هشام بن عروة، عن أبيه، عنها، وقد وقع تصريح عروة بأن عائشة -رضي الله عنها- أخبرته، فثبت بهذا أن الحديث ثابت بالوجهين، فلا يصلح لما أراده المصنّف.

وهذا الذي ذهب إليه ابن رُشيد من تصحيح الحديث بكلتا الطريقين هو الصواب عندي، فتبيّن بهذا أنه لم يتمّ غرض المصنّف من تمثيله بهذا الحديث، فتأمّل بإنصاف. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

مسألتان تتعلّقان بالحديث المذكور:

[(المسألة الأولى): في تخريجه]

حديث عائشة -رضي الله عنها- هذا أخرجه المصنّف هنا، وفي "الحيض" (٢٩٧) وأخرجه (البخاريّ) في "الاعتكاف" (٢٠٨) و (٢٠٢٩) و (٢٩٦) و (أبو داود) في "الصوم" (٢١١) و (٢١٢) و (الترمذيّ) في "الصوم" (٧٣٣) و (أحمد) في "باقي مسند الأنصار" (٢٣١٠٥) و ٢٣٣٨٠ و ٢٤٩٠٧ و ٢٥٠٦٠ و (مالك) في "الاعتكاف" ٦٠٥. والله تعالى أعلم.

[(المسألة الثانية): في فوائده]

(منها): استحباب الاعتكاف في المسجد. (ومنها): خدمة المرأة زوجها، وقد


(١) قال الحافظ: واتفقوا على أن الصواب قول الليث، وأن الباقين اختصروا منه ذكر عمرة، وأن ذكر عمرة في رواية مالك من المزيد في متّصل الأسانيد. انتهى. "فتح" ٤/ ٣٢١. وهذا هو الذي رجحه الشيخ المعلّميّ راجع رسالته "الأحاديث التي استشهد بها مسلم". ص ٣٥٦ - ٣٥٧.
(٢) "السنن الأبين" ص ٩٩ - ١٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>