للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَسٍ، وَشُعْبَةَ بْنِ الْحَجَّاجِ، وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ، فَتَّشُوِا عَنْ مَوْضِعِ السَّمَاعِ فِي الْأَسَانِيدِ، كَمَا ادَّعَاهُ الَّذِي وَصَفْنَا قَوْلَهُ مِنْ قَبْلُ، وَإِنَّمَا كَانَ تَفَقُّدُ مَنْ تَفَقَّدَ مِنْهُمْ سَمَاعَ رُوَاةِ الْحَدِيثِ مِمَّنْ رَوَى عَنْهُمْ، إِذَا كَانَ الرَّاوِي مِمَّنْ عُرِفَ بِالتَّدْلِيسِ فِي الْحَدِيثِ، وَشُهِرَ بهِ، فَحِينَئِذٍ يَبْحَثُونَ عَنْ سَمَاعِهِ فِي رِوَايَتِهِ، وَيَتَفَقَّدُونَ ذَلِكَ مِنْهُ؛ كَيْ تَنْزَاحَ عَنْهُمْ عِلَّةُ التَّدْلَيسِ، فَمَنِ ابْتَغَى ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ مُدَلِّسٍ، عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي زَعَمَ مَنْ حَكَيْنَا قَوْلَهُ، فَمَا سَمِعْنَا ذَلِكَ عَنْ أَحَدٍ مِمَّنْ سَمَّيْنَا وَلَمْ نُسَمِّ مِنَ الْأَئِمَّةِ).

إيضاح المعنى الإجماليّ لهذه الفقرة:

بيّن رَحِمَهُ اللهُ تعالى بهذا الكلام أنه إذا كان السبب عند هذا المنتحل المخترع في ردّه الحديث المعنعن إذا لم يُعلَم سماع المعنعِنِ للمعَنعَن عنه إمكان الانقطاع في ذلك الحديث لزمه بمقتضى رأيه هذا أن لا يقبل حديثا معنعنًا ولو كان يُعلم سماع المعَنعِن للمعنعن عنه، إلا في نفس الحديث الذي صرّح فيه بالسماع؛ لما سبق لنا من أن أئمة الحديث أحيانًا يَحذفون الواسطة، ويذكرون السند منقطعًا، وأحيانًا يذكرون الواسطة، فيُسندون الخبر على الصفة التي نقلوه بها عن مشايخهم، وذلك حسب توفّر نشاطهم، وعدمه، وما علمنا أحدًا من أئمة السلف الذين يتفقّدون صحة الأسانيد، وضعفها، مثل الأئمة الذين ذكرهم أنهم فتّشوا عن موضع السماع على الإطلاق كما ادّعاه المخترع المذكور، وإنما يفتّشون عنه إذا كان الراوي ممن عرف بالتدليس، فيبحثون عند ذلك عن تصريحه بالسماع؛ لتزول عنهم علة التدليس. هذا خلاصة ما أشار إليه رَحِمَهُ اللهُ تعالى.

وناقشه العلّامة ابن رُشيد رحمهما الله تعالى، فقال -بعد أن ساق كلام المصنّف المذكور-: ما نصّه:

ثم قلت رحمك الله: وهذا النحو في الروايات كثير يكثر تعداده، وفيما ذكرنا منها كفاية لذوي الفهم ... ثم ساق عبارة المصنّف السابقة برمّتها إلى قوله: "عن أحد ممن سمينا، ولم نسمّ من الأئمة"، ثم قال: انتهى كلامه محتويا على ثلاثة فصول:

(الأول): سؤال النقض بإلزام التنصيص على السماع في كلّ حديث حديث، وقد تقصينا الكلام فيه قبلُ، وتقصينا عن عهدته بما أغنى عن الإعادة.

(الثاني): الحكم أيضًا على هؤلاء الأئمة الذين نقصوا من الإسناد رجلًا أو أكثر أنهم أرسلوا؛ لأنهم غير مدلسين، وهذا يقتضي أن كثيرًا من الأسانيد المعنعنة مرسلة.

(الثالث): أنهم إنما كان تَفَقُّدُ من تَفَقَّد منهم سماعَ رواية الحديث ممن رَوَى عنهم إذا كان الراوي ممن عُرِف بالتدليس.

<<  <  ج: ص:  >  >>