فلسانك الذي تنطق به مائة ألف؟ قال: لا. قال: فرجلاك؟ قال:
لا. قال: فعقلك؟ قال: لا. قال: أرى لك مئين ألوفًا وأنت تشكو
الحاجة. وقال حماد ابن زيد: سمعت يونس بن عبيد يقول: عمدنا إلى
ما يصلح الناس فكتبناه، وعمدنا إلى ما يصلحنا فتركناه. وقال سعيد بن
عامر وغيره: غَلا الخَزُّ في موضع كان إذا غلا هناك غلا بالبصرة، وكان
يونس بن عبيد خزازًا فاشترى من رجل متاعًا بثلاثين ألفًا،
فلما كان بعد ذلك قال لصاحبه: هل كنت علمت أن المتاع غلا بأرض
كذا وكذا؟ قال: لا، ولو علمت لم أبع. قال: هلم إليَّ مالي وخذ
مالك. وقال زهير -وهو الثاني إن شاء الله-: كان يونس خزازًا فجاء
رجل يطلب ثوبًا فقال لغلامه: انشروا الرزمة. فنشرها الغلام، وقال:
صلى الله على محمد. فقال: ارفع. ولم يبع مخافة أن تكون مدحَة.
وقال هشام بن حسان: ما رأيت أحدًا يطلب بالعلم وجه الله -تعالى-
إلا يونس بن عبيد. قال حماد بن زيد: قال يونس بن عبيد: ثلاث
احفظوهن عني: لا يدخل أحدكم على سلطان يقرأ عليه القرآن، ولا
يخلون أحدكم مع امرأة شابة يقرأ عليها القرآن، ولا يمكن أحدكم سمعه
من أصحاب الأهواء. وقال ابن شوذب عن يونس: خصلتان إذا
صلحتا من العبد صلح ما سواهما: صلاته ولسانه. وقال فضيل بن عبد
الوهاب: سمعت خالد بن عبد الله قال: أرادَ يونس بن عبيد أن يلجم
حمارًا فلم يعرف فقال لصاحبه: ترى الله كتب الجهاد على رجل لا
يلجم حمارًا. قال فهد بن حيان: مات يونس سنة تسع وثلاثين ومائة.
وقال محمد بن سعد: سنة أربعين ومائة. قال محمد بن عبد الله
الأنصاري: رأيت سليمان وعبد الله ابني علي بن عبد الله بن عباس
وولديّ سليمان يحملون سرير يونس بن عبيد على أعناقهم، فقال عبد
الله بن عليّ: هذا والله الشرف.
(١) حاشية في "الأصل": وعمرو بن علي الفلاس.