للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْبَعْضِ لِعَدَمِ التَّجَزِّي، وَفِي اسْتِيفَائِهِمْ الْكُلَّ إبْطَالُ حَقِّ الصِّغَارِ فَيُؤَخَّرُ إلَى إدْرَاكِهِمْ كَمَا إذَا كَانَ بَيْنَ الْكَبِيرَيْنِ وَأَحَدُهُمَا غَائِبٌ أَوْ كَانَ بَيْنَ الْمَوْلَيَيْنِ

وَلَهُ أَنَّهُ حَقٌّ لَا يَتَجَزَّأُ لِثُبُوتِهِ بِسَبَبٍ لَا يَتَجَزَّأُ وَهُوَ الْقَرَابَةُ، وَاحْتِمَالُ الْعَفْوِ مِنْ الصَّغِيرِ مُنْقَطِعٌ فَيَثْبُتُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَمَلًا كَمَا فِي وِلَايَةِ الْإِنْكَاحِ، بِخِلَافِ الْكَبِيرَيْنِ؛ لِأَنَّ احْتِمَالَ الْعَفْوِ مِنْ الْغَائِبِ ثَابِتٌ وَمَسْأَلَةُ الْمَوْلَيَيْنِ مَمْنُوعَةٌ

قَالَ (وَمَنْ ضَرَبَ رَجُلًا بِمَرٍّ فَقَتَلَهُ، فَإِنْ أَصَابَهُ بِالْحَدِيدِ قُتِلَ بِهِ وَإِنْ أَصَابَهُ

شَرْحَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى وَفْقِ عَيْنِ عِبَارَتِهِ، بَلْ مَقْصُودُهُمَا مُجَرَّدُ تَصْوِيرِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى وَجْهٍ يَتَضَمَّنُ الْإِشَارَةَ إلَّا أَنَّهُ لَا احْتِيَاجَ فِي تَحَقُّقِ مَادَّةِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إلَى تَحَقُّقِ مَعْنَى الْجَمْعِيَّةِ لَا فِي جَانِبِ الصَّغِيرِ وَلَا فِي جَانِبِ الْكَبِيرِ بَلْ وَلَا فِي مَجْمُوعِ الْجَانِبَيْنِ أَيْضًا (قَوْلُهُ كَمَا إذَا كَانَ بَيْنَ الْكَبِيرَيْنِ، وَأَحَدُهُمَا غَائِبٌ أَوْ كَانَ بَيْنَ الْمَوْلَيَيْنِ) قَالَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ: أَوْ كَانَ بَيْنَ الْمَوْلَيَيْنِ: أَيْ وَأَحَدُهُمَا غَائِبٌ، وَاقْتَفَى أَثَرَهُ صَاحِبُ مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ كَمَا هُوَ دَأْبُهُ فِي أَكْثَرِ الْمَحَالِّ

أَقُولُ: لَيْسَ هَذَا بِشَرْحٍ صَحِيحٍ عِنْدِي؛ إذْ لَوْ كَانَ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ هَذَا الْمَعْنَى لَكَانَ ذِكْرُ قَوْلِهِ أَوْ كَانَ بَيْنَ الْمَوْلَيَيْنِ مُسْتَدْرَكًا مَحْضًا إذْ يَتَنَاوَلُهُ حِينَئِذٍ قَوْلُهُ كَمَا إذَا كَانَ بَيْنَ الْكَبِيرَيْنِ وَأَحَدُهُمَا غَائِبٌ فَيَسْتَغْنِي عَنْ قَوْلِهِ أَوْ كَانَ بَيْنَ الْمَوْلَيَيْنِ

وَأَيْضًا لَوْ كَانَ مُرَادُهُ ذَلِكَ لَمَا قَدَّمَ قَوْلَهُ وَأَحَدُهُمَا غَائِبٌ عَلَى قَوْلِهِ أَوْ كَانَ بَيْنَ الْمَوْلَيَيْنِ بَلْ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُؤَخِّرَ قَوْلَهُ: وَأَحَدُهُمَا غَائِبٌ عَنْ ذَلِكَ لِيَتَعَلَّقَ بِمَجْمُوعِ الْقَوْلَيْنِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى التَّقْدِيرِ فِي الثَّانِي، وَالصَّوَابُ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ أَوْ كَانَ بَيْنَ الْمَوْلَيَيْنِ أَنْ يُقَالَ: أَيْ وَأَحَدُهُمَا صَغِيرٌ؛ إذْ لَا يَلْزَمُ حِينَئِذٍ شَيْءٌ مِنْ الْمَحْذُورَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ بَلْ يَكُونُ كُلٌّ مِنْ قَوْلَيْهِ الْمَزْبُورَيْنِ إشَارَةً إلَى مَسْأَلَةٍ مُسْتَقِلَّةٍ مُغَايِرَةٍ لِلْأُخْرَى، وَيُوَافِقُهُ صَرِيحُ مَا ذُكِرَ فِي الْمَبْسُوطِ فَإِنَّهُ قَالَ فِيهِ فِي بَابِ الْوَكَالَةِ بِالدَّمِ مِنْ الدِّيَاتِ:

صُورَةٌ

مَسْأَلَةُ الْمَوْلَيَيْنِ فِيمَا إذَا كَانَ الْعَبْدُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ فَقُتِلَ الْعَبْدُ لَيْسَ لِلْكَبِيرِ وِلَايَةُ اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَ الصَّغِيرُ بِالِاتِّفَاقِ اهـ تَبَصَّرْ (قَوْلُهُ وَلَهُ أَنَّهُ حَقٌّ لَا يَتَجَزَّأُ لِثُبُوتِهِ بِسَبَبٍ لَا يَتَجَزَّأُ وَهُوَ الْقَرَابَةُ)

أَقُولُ: فِي تَمَامِ الِاسْتِدْلَالِ بِعَدَمِ تَجَزُّؤِ سَبَبِ الْقِصَاصِ وَهُوَ الْقَرَابَةُ عَلَى عَدَمِ تَجَزُّؤِ الْقِصَاصِ نَفْسِهِ خَفَاءٌ، فَإِنَّ الْعَقْلَ لَا يَجِدُ مَحْذُورًا فِي كَوْنِ السَّبَبِ بَسِيطًا وَالْمُسَبَّبِ مُرَكَّبًا، كَيْفَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقَرَابَةَ الَّتِي لَا تَتَجَزَّأُ كَمَا أَنَّهَا سَبَبٌ لِاسْتِحْقَاقِ وَلِيِّ الْقَتِيلِ الْقِصَاصَ فِي الْقَتْلِ الْعَمْدِ كَذَلِكَ هِيَ سَبَبٌ أَيْضًا لِاسْتِحْقَاقِهِ الدِّيَةَ فِي الْقَتْلِ الْخَطَإِ، مَعَ أَنَّهُ لَا شَكَّ أَنَّ الدِّيَةَ تَتَجَزَّأُ؛ لِأَنَّهَا مَالٌ وَالْمَالُ مُنَجَّزٌ بِلَا رَيْبٍ

فَالْأَظْهَرُ فِي بَيَانِ كَوْنِ الْقِصَاصِ حَقًّا لَا يَتَجَزَّأُ مَا ذُكِرَ فِي الْكَافِي وَمِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ أَثْنَاءَ تَقْرِيرِ دَلِيلِ الْإِمَامَيْنِ، وَهُوَ أَنَّ الْقَتْلَ غَيْرُ مُنَجَّزٍ؛ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي الرُّوحِ وَذَا لَا يَقْبَلُ التَّجَزُّؤَ

ثُمَّ إنَّ بَعْضَ الْفُضَلَاءِ طَعَنَ فِي قَوْلِهِمْ هُنَا إنَّ سَبَبَ الْقِصَاصِ هُوَ الْقَرَابَةُ حَيْثُ قَالَ: كَيْفَ يَكُونُ سَبَبُهُ الْقَرَابَةَ وَهُوَ يَثْبُتُ لِلزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ اهـ

أَقُولُ: نَعَمْ يَثْبُتُ لِلزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ بَلْ لِلْمُعْتَقِ وَالْمُعْتَقَةِ أَيْضًا كَمَا صَرَّحُوا بِهِ أَنَّ السَّبَبَ فِي الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ هُوَ الزَّوْجِيَّةُ، وَفِي الْمُعْتَقِ وَالْمُعْتَقَةِ هُوَ الْوَلَاءُ دُونَ الْقَرَابَةِ، إلَّا أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ قَوْلَهُمْ هَا هُنَا وَهُوَ الْقَرَابَةُ إمَّا بِنَاءً عَلَى التَّغْلِيبِ لِكَوْنِ أَوْلِيَاءِ الْقَتِيلِ فِي الْأَكْثَرِ قَرَائِبَهُ، وَإِمَّا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُمْ أَرَادُوا بِالْقَرَابَةِ هُنَا الِاتِّصَالَ الْمُوجِبَ لِلْإِرْثِ دُونَ حَقِيقَةِ الْقَرَابَةِ فَيَعُمُّ الْكُلَّ (قَوْلُهُ: وَاحْتِمَالُ الْعَفْوِ مِنْ الصَّغِيرِ مُنْقَطِعٌ فَيَثْبُتُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَمَلًا كَمَا فِي وِلَايَةِ الْإِنْكَاحِ) قَالَ الشُّرَّاحُ: وَجْهُ أَبِي حَنِيفَةَ مَبْنِيٌّ عَلَى ثُبُوتِ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الصِّغَارِ وَالْكِبَارِ الْغُيَّبِ مِنْ حَيْثُ

<<  <  ج: ص:  >  >>