للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ (وَإِنْ وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ عَبْدٍ بِغَيْرِ عَيْنِهِ: فَاشْتَرَى عَبْدًا فَهُوَ لِلْوَكِيلِ إلَّا أَنْ يَقُولَ نَوَيْت الشِّرَاءَ لِلْمُوَكِّلِ أَوْ يَشْتَرِيَهُ بِمَالِ الْمُوَكِّلِ) قَالَ: هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى وُجُوهٍ: إنْ أَضَافَ الْعَقْدَ إلَى دَرَاهِمِ الْآمِرِ كَانَ لِلْآمِرِ وَهُوَ الْمُرَادُ عِنْدِي بِقَوْلِهِ أَوْ يَشْتَرِيهِ بِمَالِ الْمُوَكِّلِ دُونَ النَّقْدِ مِنْ مَالِهِ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَفْصِيلًا وَخِلَافًا، وَهَذَا بِالْإِجْمَاعِ وَهُوَ مُطْلَقٌ.

بِحَقِيقَةِ الْوَكَالَةِ مُمْكِنٌ؛ لِأَنَّهَا مِمَّا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى الرَّأْيِ، فَاعْتُبِرَ الْمَأْمُورُ وَكِيلًا وَالْمَأْمُورُ بِهِ حُضُورُ رَأْيِهِ وَقَدْ حَضَرَ بِحُضُورِهِ أَوْ بِإِجَازَتِهِ

(قَالَ) أَيْ الْقُدُورِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ (وَإِنْ وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ عَبْدٍ بِغَيْرِ عَيْنِهِ فَاشْتَرَى عَبْدًا فَهُوَ لِلْوَكِيلِ إلَّا أَنْ يَقُولَ نَوَيْت الشِّرَاءَ لِلْمُوَكِّلِ أَوْ يَشْتَرِيه بِمَالِ الْمُوَكِّلِ) إلَى هُنَا لَفْظُ الْقُدُورِيِّ (قَالَ) أَيْ الْمُصَنِّفُ (هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى وُجُوهٍ: إنْ أَضَافَ) أَيْ الْوَكِيلُ (الْعَقْدَ إلَى دَرَاهِمِ الْآمِرِ كَانَ لِلْآمِرِ) هَذَا هُوَ الْوَجْهُ الْأَوَّلُ مِنْ وُجُوهِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.

وَقَالَ الْمُصَنِّفُ (وَهُوَ الْمُرَادُ عِنْدِي بِقَوْلِهِ أَوْ يَشْتَرِيهِ بِمَالِ الْمُوَكِّلِ دُونَ النَّقْدِ مِنْ مَالِهِ) يَعْنِي أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِ الْقُدُورِيِّ أَوْ يَشْتَرِيهِ بِمَالِ الْمُوَكِّلِ هُوَ الْإِضَافَةُ عِنْدَ الْعَقْدِ إلَى دَرَاهِمِ الْمُوَكِّلِ دُونَ النَّقْدِ مِنْ مَالِ الْمُوَكِّلِ بِغَيْرِ إضَافَةٍ إلَيْهِ (لِأَنَّ فِيهِ) أَيْ؛ لِأَنَّ فِي النَّقْدِ مِنْ مَالِ الْمُوَكِّلِ (تَفْصِيلًا) فَإِنَّهُ بَعْدَ أَنْ يَشْتَرِيَهُ بِدَرَاهِمَ مُطْلَقَةً، إنْ نَقَدَ مِنْ دَرَاهِمَ الْمُوَكِّلِ كَانَ الشِّرَاءُ لِلْمُوَكِّلِ، وَإِنْ نَقَدَ مِنْ دَرَاهِمِ الْوَكِيلِ كَانَ الشِّرَاءُ لِلْوَكِيلِ (وَخِلَافًا) فَإِنَّهُ إذَا تَصَادَقَا عَلَى أَنَّهُ لَمْ تَحْضُرْهُ النِّيَّةُ وَقْتَ الشِّرَاءِ فَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ الْعَقْدُ لِلْوَكِيلِ، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ يَحْكُمُ النَّقْدُ عَلَى مَا سَيَجِيءُ (وَهَذَا بِالْإِجْمَاعِ) أَيْ لَوْ أَضَافَ الْعَقْدَ إلَى دَرَاهِمِ الْآمِرِ يَقَعُ لَهُ بِالْإِجْمَاعِ (وَهُوَ مُطْلَقٌ) أَيْ قَوْلُهُ أَوْ يَشْتَرِيهِ بِمَالِ الْمُوَكِّلِ مُطْلَقٌ لَا تَفْصِيلَ فِيهِ فَيُحْمَلُ عَلَى الْإِضَافَةِ إلَى مَالِ الْمُوَكِّلِ، كَذَا قَالَ جُمْهُورُ الشُّرَّاحِ فِي شَرْحِ هَذَا الْمَقَامِ.

أَقُولُ: فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُمْ حَمَلُوا التَّفْصِيلَ الْمَذْكُورَ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَفْصِيلًا، عَلَى أَنَّهُ إنْ نَقَدَ مِنْ دَرَاهِمِ الْمُوَكِّلِ كَانَ الشِّرَاءُ لَهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ دَرَاهِمِ الْوَكِيلِ كَانَ الشِّرَاءُ لَهُ، وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ تَفْصِيلٌ لِلنَّقْدِ الْمُطْلَقِ لَا لِلنَّقْدِ مِنْ مَالِ الْمُوَكِّلِ كَمَا لَا يَخْفَى، وَمَا يَصْلُحُ لِتَرْجِيحِ كَوْنِ الْمُرَادِ بِقَوْلِ الْقُدُورِيِّ أَوْ يَشْتَرِيهِ بِمَالِ الْمُوَكِّلِ الْإِضَافَةَ إلَى دَرَاهِمِ الْمُوَكِّلِ دُونَ النَّقْدِ مِنْ مَالِهِ إنَّمَا هُوَ وُقُوعُ التَّفْصِيلِ فِي النَّقْدِ مِنْ مَالِ الْمُوَكِّلِ لَا وُقُوعُهُ فِي النَّقْدِ الْمُطْلَقِ، إذْ لَا مِسَاسَ لَهُ بِكَلَامِ الْقُدُورِيِّ، فَإِنَّ الْمَذْكُورَ فِيهِ مَالُ الْمُوَكِّلِ دُونَ مُطْلَقِ الْمَالِ. ثُمَّ إنَّ صَاحِبَ الْعِنَايَةِ قَدْ سَلَكَ الْمَسْلَكَ الْمَذْكُورَ فِي شَرْحِ هَذَا الْمَقَامِ وَزَادَ إخْلَالًا حَيْثُ قَالَ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ وُجُوهَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: وَإِذَا عَلِمْت هَذِهِ الْوُجُوهَ ظَهَرَ لَك أَنَّ فِي النَّقْدِ مِنْ مَالِ الْمُوَكِّلِ تَفْصِيلًا إذَا اشْتَرَى بِدَرَاهِمَ مُطْلَقَةٍ وَلَمْ يَنْوِ لِنَفْسِهِ، إنْ نَقَدَ مِنْ دَرَاهِمِ الْمُوَكِّلِ كَانَ الشِّرَاءُ لَهُ، وَإِنْ نَقَدَ مِنْ دَرَاهِمِ الْوَكِيلِ كَانَ لَهُ، وَإِنْ نَوَاهُ لِلْمُوَكِّلِ لَا مُعْتَبَرَ بِالنَّقْدِ انْتَهَى.

فَإِنَّ قَوْلَهُ: " وَلَمْ يَنْوِ لِنَفْسِهِ " قَيْدٌ مُفْسِدٌ هَاهُنَا؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَنْوِ لِنَفْسِهِ، فَإِنْ نَوَى لِلْمُوَكِّلِ لَا يُعْتَبَرُ النَّقْدُ أَصْلًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ، فَلَا يَصِحُّ التَّفْصِيلُ الَّذِي ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ إنْ نَقَدَ مِنْ دَرَاهِمِ الْمُوَكِّلِ كَانَ الشِّرَاءُ لَهُ، وَإِنْ نَقَدَ مِنْ دَرَاهِمِ الْوَكِيلِ كَانَ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ لِلْمُوَكِّلِ أَيْضًا كَانَ لَهُ صِدْقُ ذَلِكَ التَّفْصِيلِ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ فَقَطْ، إذْ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ يَكُونُ الْعَقْدُ حِينَئِذٍ لِلْوَكِيلِ كَمَا سَيَجِيءُ، فَكَانَ مَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ مُنَاسِبًا لِشَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَخِلَافًا لِشَرْحِ قَوْلِهِ تَفْصِيلًا. وَأَيْضًا أَنَّهُ بَعْدَمَا صَرَّحَ أَنَّ التَّفْصِيلَ إنَّمَا هُوَ فِي النَّقْدِ مِنْ مَالِ الْمُوَكِّلِ حَيْثُ قَالَ ظَهَرَ لَك أَنَّ فِي النَّقْدِ مِنْ مَالِ الْمُوَكِّلِ تَفْصِيلًا كَيْفَ يَتَيَسَّرُ لَهُ بَيَانُ ذَلِكَ التَّفْسِيرِ فِي النَّقْدِ الْمُطْلَقِ بِأَنْ قَالَ: إنْ نَقَدَ مِنْ دَرَاهِمِ الْمُوَكِّلِ كَانَ الشِّرَاءُ لَهُ، وَإِنْ نَقَدَ مِنْ دَرَاهِمِ الْوَكِيلِ كَانَ لَهُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الرَّكَاكَةَ تَقْرِيرُ صَاحِبِ الْعِنَايَةِ أَفْحَشُ. وَأَقُولُ: الْحَقُّ فِي هَذَا الْمَقَامِ أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَرَادَ بِالتَّفْصِيلِ فِي قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَفْصِيلًا وَخِلَافًا صُورَتَيْ التَّكَاذُبِ وَالتَّوَافُقِ، وَبِالْخِلَافِ الْخِلَافُ الْوَاقِعُ فِي صُورَتَيْ التَّوَافُقِ؛ فَالْمَعْنَى أَنَّ فِي النَّقْدِ مِنْ مَالِ الْمُوَكِّلِ تَفْصِيلًا، فَإِنَّهُ إذَا نَقَدَ مِنْ مَالِهِ فَإِذَا تَكَاذَبَا فِي النِّيَّةِ يَحْكُمُ النَّقْدُ

<<  <  ج: ص:  >  >>