للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عوض فأما الموكل فلا تلزمه بلا إشكال وأما الوكيل فذكر أنها جائزة فيكون له فسخها وهو قول مالك، وإليه ذهب ابن القصار وغيره من البغداديين، وقيل بل يلزمه ذلك لأنه كواهب منفعة والهبة تلزم بالعقد على المعروف، ثم قال بعد يسير ما نصه: ابن عبد السلام: وهذه طريقة غير واحد في نقل المذهب، وابن رشد يرى أنه لا خلاف أن للوكيل أن ينحل عن الوكالة متى شاء إلا في وكالة الخصام. اهـ.

وما عزاه لابن عبد السلام هو كذلك فيه، وزاد ما نصه: الأصح أنها منعقدة كالهبة. اهـ منه بلفظه.

فإن كان لهذا أشار بالتردد أي طريقتان في نقل المذهب ففيه نظر؛ لأن الطريقتين اللتين أشار إليهما إنما هما في الوكالة بغير عوض هل هي غير لازمة للوكيل بلا خلاف أو في لزومها وعدمه قولان، وكلامه هنا لا يفيد هذا بل يفيد أنها إن كانت بغير عوض فلا خلاف في عدم لزومها وإلا فطريقتان، إحداهما كذلك والأخرى أنها إن وقعت على سبيل الإجارة فهي لازمة وعلى سبيل الجعل فتجري على حكمه، والذي ظهر لي أن المص أشار بالتردد إلى ما لابن عبد السلام فخانته العبارة، والذي وقفت عليه في كتب أهل المذهب أن الوكالة بأجرة لازمة إما اتفاقا أو على المشهور، فالاتفاق هو ظاهر كلام ابن رشد واللخمي والمتيطى وابن عات وابن شاس وابن الحاجب وابن شبلون وابن عبد السلام وابن عرفة وغيرهم، والتشهير هو الذي لابن بشير، وانظر عبارته في المواق: ومثله لابن غلاب والفشتالي في وثائقه وغيرهم.

ابن عاشر: انظر ما الفرق بين الوكالة بأجرة وبين الاستئجار في الماهية؟ فإنا وجدنا الإجارة يلزمها الاتفاق على اللزوم بالعقد والوكالة ذات خلاف واختلاف اللازم يقضي باختلاف الملزوم. اهـ. وسلمه جسوس، ونحوه قول التاودي: تأمل الفرق بين الوكالة بأجرة حتى جرى فيها قول بعدم اللزوم وبين الإجارة المتفق على لزومها، وأين تنفرد ماهية الإجارة عن ماهية الوكالة؟ انتهى. وبحثهما ظاهر لكن في كلامهما نظر من جهة أخرى وهو أنهما سلما كلام المص فقها، وأن كلا منهما يقتضي أن الخلاف فيها، وسلم وجوده وليس كذلك، ولذا قال أبو علي: ولا يخفاك ما في ابن عاشر وغيره، ثم قال: بل هي متفق على اللزوم فيها أو فيها خلاف ضعيف غاية. انتهى منه بلفظه وهو صواب.