للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد وصل هذا من وجه آخر كما قال الحافظ أبو محمد الحسن بن عبد الرحمن الرامهرمزي في كتابه "الفاصل بين الراوي والواعي" (١): حدثنا أبو أحمد يوسف بن هارون بن زياد، حدثنا ابن أبي عمر، حدثنا محمد بن جعفر بن محمد قال: أشهد على أبي لحدثني، عن أبيه، عن جده، عن علي قال: قال رسول الله : "خرجت من نكاح ولم أخرج من سفاح من لدن آدم إلى أن ولدني أبي وأُمي لم يمسني من سفاح الجاهلية شيء" (٢).

وقوله تعالى: ﴿عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَاعَنِتُّمْ﴾ أي: يعزُّ عليه الشيء الذي يعنت أمته ويشق عليها، ولهذا جاء في الحديث المروي من طرق عنه أنه قال: "بُعثت بالحنيفية السمحة" (٣)، وفي الصحيح: "إن هذا الدين يسر" (٤) وشريعته كلها سهلة سمحة كاملة يسيرة على من يسّرها الله تعالى عليه ﴿حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ﴾ أي: على هدايتكم ووصول النفع الدنيوي والأخروي إليكم.

وقال الطبراني: حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، حدثنا محمد بن عبد الله بن يزيد المقري، حدثنا سفيان بن عيينة، عن فِطْر، عن أبي الطفيل، عن أبي ذرٍّ قال: تركنا رسول الله وما طائر يقلب جناحيه في الهواء إلا وهو يذكر لنا منه علمًا قال: وقال رسول الله : "ما بقي شيء يقرب من الجنة ويباعد من النار إلا وقد بُيِّن لكم" (٥).

وقال الإمام أحمد: حدثنا أبو قَطن، حدثنا المسعودي، عن الحسن بن سعد، عن عبدة الهذلي، عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله : "إن الله لم يحرِّم حرمة ألا وقد علم أنه سيطلعها منكم مطلع ألا وإني آخذ بحُجزِكم أن تهافتوا في النار كتهافت الفراش أو الذباب" (٦).

وقال الإمام أحمد: حدثنا حسن بن موسى، حدثنا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد بن جدعان، عن يوسف بن مهران، عن ابن عباس أن رسول الله أتاه ملكان فيما يرى النائم فقعد أحدهما عند رجليه والآخر عند رأسه. فقال الذي عند رجليه للذي عند رأسه: اضرب مثل هذا ومثل أُمته فقال: إن مثله ومثل أُمته كمثل قوم سفر انتهوا إلى رأس مفازة ولم يكن معهم من الزاد ما يقطعون به المفازة ولا ما يرجعون به، فبينما هم كذلك إذ أتاهم رجل في حلة حبرة فقال: أرأيتم إن وردت بكم رياضًا معشبة وحياضًا رواء تتبعوني؟ فقالوا: نعم، قال: فانطلق بهم فأوردهم رياضًا معشبة وحياضًا رواء، فأكلوا وشربوا وسمنوا، فقال لهم: ألم ألفكم على تلك الحال فجعلتم لي إن وردت بكم رياضًا معشبة وحياضًا رواء أن تتبعوني؟ فقالوا: بلى. فقال: فإن بين أيديكم رياضًا هي أعشب من هذه وحياضًا هي أروى من هذه فاتبعوني، فقالت طائفة: صدق والله لنتبعه، وقالت طائفة: قد رضينا بهذا نقيم عليه (٧).


(١) كذا في الأصل: ولعله أورده مختصرًا: واسمه المحدث الفاصل …
(٢) أخرجه الرامهرمزي بسنده ومتنه (المحدث الفاصل ص ١٣٦) وسنده ضعيف أيضًا كسابقه.
(٣) تقدم تخريجه وثبوته في تفسير سورة البقرة آية ١٨٥.
(٤) تقدم تخريجه وصحته كسابقه.
(٥) أخرجه الطبراني بسنده ومتنه (المعجم الكبير ٢/ ١٥٥ ح ١٦٤٧)، قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح غير محمد بن عبد الله بن يزيد المقري، وهو ثقة (مجمع الزوائد ٧/ ٢٦٥).
(٦) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٦/ ٢٣٧ ح ٣٧٠٥) وحسّن سنده محققوه.
(٧) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ١/ ٢٦٧) وسنده ضعيف لضعف علي بن زيد بن جدعان.