وقد ظل هذا التطور سائرا في طريقه في لهجات الخطاب، حتى ساد وحده، وقضى على الظاهرة القديمة، ففي اللهجة العامية المصرية نقول مثلا: فلان اصدعت دماغه، واسرع في كلامه. ولا أثر للصيغة القديمة في لهجات الخطاب، إذ لا يقال فيها مثلا: فلان تصدعت دماغه، وتسرع في كلامه.
وكذلك الحال في صيغة:"تفاعل" إذ ماتت هي الأخرى، وحلت محلها صيغة "اتفاعل" التي شاهدنا مولدها في عصر نزول القرآن الكريم، إذ نقول الآن في لهجات الخطاب: فلان اشَّاتم مع فلان، واصَّالحوا سوا، بدلا من: تشاتم، وتصالحوا.
بل لقد سادت صيغتا: اتفعل واتفاعل، في اللهجة العامية المصرية، حتى ولو لم يكن في الأصل صوت من أصوات الصفير، أو الأصوات الأسنانية، كقولنا مثلا في لهجة الخطاب:"اتفرج" و"اتبهدل" وغير ذلك.
ومن أمثلة بدايات التطور في الظواهر اللغوية، في العربية الفصحى كذلك، ما حدث في صيغة:"انفعل"، منذ عصور العربية الأولى، فقد كانت هذه الصيغة موضوعة للدلالة على مطاوعة الفعل الثلاثي، أي قبول أثر هذا الفعل، مثل:"كسرت الإناء فانكسر"، و"فتحت الباب فانفتح"١.
١ في المخصص لابن سيده ١٤/ ١: "ومعنى قولنا "مطاوعة" أن المفعول به لم يمتنع مما رامه الفاعل، ألا ترى أنك تقول فيما امتنع مما رمته: دفعته فلم يندفع، وكسرته فلم ينكسر، أي: أوردت أسباب الكسر عليه فلم تؤثر".