للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبدلوا أشياء كانت حلالًا لهم، فحرموها عليه أنفسهم تشديدًا منهم على أنفسهم وتضييقًا وتنطعًا، ويحتمل أن يكون شرعيًّا بمعنى أنَّه تعالى حرم عليهم في التوراة أشياء كانت حلالًا لهم قبل ذلك كما قال تعالى: ﴿كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ﴾. أوقد قدمنا الكلام على هذه الآية، وأن المراد أن الجميع من الأطعمة كانت حلالًا لهم من قبل أن تنزل التوراة] [١] ما عدا ما كان حرم إسرائيل على نفسه من لحوم الإِبل وألبانها، ثم إنه تعالى حرم أشياء كثيرة في التوراة كما قال في سورة الأنعام: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلَّا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ﴾ أي: إنما حرمنا عليهم ذلك لأنهم يستحقون ذلك؛ بسبب بغيهم وطغيانهم ومخالفتهم رسولهم واختلافهم عليه، ولهذا قال: ﴿فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا﴾ أي: صدّوا الناس وصدُّوا أنفسهم عن اتباع الحق، وهذه سجية لهم متصفون بها من قديم الدهر وحديثه، ولهذا كانوا أعداء الرسل، وقتلوا خلقًا [٢] من الأنبياء، وكذبوا عيسى ومحمدًا صلوات الله وسلامه عليهما.

وقوله: ﴿وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ﴾ أي: إن الله قد نهاهم عن الرِّبَا فتناولوه وأخذوه واحتالوا عليه بأنواع من الحيل وصنوف من الشبه، وأكلوا أموال الناس بالباطل، قال الله تعالى: ﴿وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا﴾.

ثم قال تعالى؛ ﴿لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ﴾ أي: الثابتون في الدين لهم قدم راسخة في العلم النافع، وقد تقدَّم الكلام على ذلك في سورة آل عمران.

﴿وَالْمُؤْمِنُونَ﴾ عطف على الراسخين، وخبره: ﴿يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ﴾.

قال ابن عبَّاس: أنزلت فى عبد الله بن سلام، وثعلبة بن سعية [٣] [] [٤]، وزيد بن سعية، وأسد بن عبيد الذين دخلوا في الإِسلام، وصدّقوا بما أرسل الله به [٥] محمدًا، .


[١]- ما بين المعكوفتين سقط من: ز، خ.
[٢]- في ز: "خلفًا".
[٣]- في ز: "شعية".
[٤]- ما بين المعكوفتين في ت: وأسد.
[٥]- سقط من: ز.