بروح متخد نموذجه وصف أبي تمام، وإلا فإن هذا يكون من غرائب اتفاق الخواطر، لتجاوزه عموم فكرة، وإجمالها إلى تفصيل دقيق.
ومما يقوي عندنا زيادة احتمال أن يكون مارفيل قد اطلع على كلام أبي تمام مباشرة أو من طريق غير مباشر (١) قوله:
عند فكرة خضراء في ظل أخضر
فهذه فيها شبه خفي الصنعة لقول أبي تمام:
تريا نهارًا مشمسًا قد شابه ... زهر الربا فكأنما هو مقمر
زهر الربا هذا الذي يشوب ضوء الشمس ظل أخضر، وهو الذي سبب اعتدال مزاجها.
مع هذا لقائل إن يلزم قولًا بأن ههنا مجرد اتفاق خواطر على قوة الشبه وتجاوزه محض العموم إلى نوع تدقيق وتفصيل.
وفي القسم الأخير أيضًا وصف مارفيل للنحلة المجتهدة، وذلك حيث يقول:
والنحلة المجتهدة إذ هي تعمل
تحسب مدات وقتها تمامًا كما نحن نفعل
أهذا مأخوذ من قول عنترة؟
وخلا الذباب بها فليس ببارح ... غردا كفعل الشارب المترنم
هزجًا يحك ذراعه بذراعه ... قدح المكب على الزناد الأجذم
(١) () أما شعر المتنبي فنعلم أنه كان مترجمًا باللاتينية منذ سنة ١٦٢٥ م فما أشبه أن يكون شعر أبي تمام كذلك قد ترجم. ونظم مارفيل باللاتينية أول الأمر عسى أن يدل على أن النموذج الذي أخذ عنه ترجمة لاتينية لمغني الطيب.