للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي لو نوديت في ليلة شتاء ماطرة:

لجاءت أمام الحالبين وضرعها ... أمام صفاقيها مبد مكاوح

جعل لها حالبين وإنما هي عنز تحلبها الجارية الصغيرة من قعود. الصفاقان ما اكتنف الضرع عن يمين وشمال إلى السرة. مبد: أي مفرق يفرق ما بين رجليها لاتساعه. مكاوح أي دافع لرجليها فهو تأكيد لقوله مبد.

كأن أجيج النار إرزام شخبها ... إذا امتاحها في محلب الحي مائح

فجعل ضرعها يحتاج إلى محلب الحي فغضب التيمي إذ علم أن جبيهاء إنما أراد هجاءه هو لا مدح العنز فقال يجيب سؤاله: ألست مؤديا إلخ:

نعم ساؤديها إليك ذميمة ... لتنكحها إن أعوزتك المناكح

وهذا هزل فيه فحش كما ترى. وإنما هو استهزاء. فقال جبيهاء:

لو كنت شيخًا من سليم نكحتها ... نكاح يسار عنزه وهو سارح

عنى سليمًا من تيم وكانوا يعيرون بشاة اسمها خطة.

وقد مر بك ضرب من هذا الهجاء الخبيث الهازل في الذي سقناه من دالية حميد وبائية القطامي. وههنا موضع ذكر شيء من حائية جران العود. وما أرى إلا أنه تأثر بها مذهب الفرزدق في الهزل، بآية ما نظم الفائية على منوال فائيته حيث تغزل وهي التي أولها:

ذكرت الصبا فانهلت العين تذرف ... وراجعك الشوق الذي كنت تعرف

وكان فؤادي قد صحا ثم هاجني ... حمائم ورق بالمدينة هتف

والمطلع فيه أصداء من قول الفرزدق:

عزفت بأعشاش وما كدت تعزف ... وأنكرت من حدراء ما كنت تعرف

<<  <  ج: ص:  >  >>