ثم يقول في البيت التاسع عشر
فسل الهم عنك بذات لوث ... عذافرة كمطرقة القيون
هذه ناقته- وأقبل على صفة حركتها الهوجاء المستمرة الشديدة الإيجاف وهي ما زالت في أوائل نشاطها وهذه أولي مراحل سيره، وقد بدأه عند الهاجرة لا نخراطه وجده ووصل التأويب بالسرى.
بصادقة الوجيف كأن هرا ... يباريها ويأخذ بالوضين
كساها تامكا قردا عليها ... سوادي الرضيخ مع اللجين
إذا قلقت أشد لها سنافا ... أمام الزور من قلق الوضين
لاحظ تكرار الوضين وهو هنا ترنم مقصود. وإنما قلق الوضين لاستمرار هذا الضرب من السير أياما، فضمرت فاحتاج هو إلى أن يشد الوضين بأكثر مما شده من قبل ومن ضمن وصف هذا السير الشديد وصف استراحات التعريس القصار
كأن مواقع الثفنات منها ... معرس باكرات الورد جون
أي مواقع القطا البواكر لورود الماء، وكلما رحلها بعد هذه الاستراحة القصيرة تنفست الصعداء، نفسا حارا يكاد يقطع الحزام- ثم مضت وبها نشاطها
تصك الحالبين بمشفتر ... له صوت أبح من الرنين
المشفتر المتفرق يعني ما يتطاير من الحصى، تطيره أخفافها
كأن نفي ما تنفي يداها ... قذاف غريبة بيدي معين
تسد بدائم الخطران جثل ... خواية فرج مقلات دهين
المقلات التي لا يعيش لها ولد، فأنبأنا بطول السير، وأنها ألقت جنينا بالصحراء. والدهين التي لا لبن لها
وتسمع للذباب إذا تغنى ... كتغريد الحمام على الوكون
قالوا الذباب هنا حد نابها إذا صرفت بأنيابها أي صوتت- فهذا نهاية الدرجة الأولى من الرحلة
ثم الدرجة التي تلي صفة استراحة الناقة بعد هذا الكد، وقد عاد بخياله يصف حالها قبل الرحلة وهي فارهة كأنها سفينة: