فألقيت الزمام لها فنامت ... كعادتها من السدف المبين
فهذا يدلنا على أنه قد استراح من قبل مرات عند هذا السدف المبين، وإنما عني آخر الليل عندما يبدو أول ضوء الفجر
كأن مناخها ملقى لجام ... على معزائها وعلى الوجين
وملقى اللجام ضيق منبيء عن حال ضمور والمعزاء الأرض ذات الحصى والوجين الأرض الغليظة
كأن الكور والأنساع منها ... على قرواء ماهرة دهين
هذه صفتها في أول الرحلة، إذ لا يمكنه التعريس بأكثر من إن يلقي لها الزمام، وما زالت بها قوة، فهذه الصفة تتضمن معنى الإعجاب والرضا
يشق الماء جؤجؤها ويعلو ... غوارب كل ذي حدب بطين
هذه صفة السفينة التي شبه بها ناقته
غدت قوداء منشقا نساها ... تجاسر بالنخاع وبالوتين
هذا يدلنا عن أن في الوصف رجعة إلى حالها قبل الضمور. وكأنه إذ قال: «غدت قوداء منشقا الخ» قد قال: «كانت قوداء سمينة منشقا نساها أي منفلقة لحمتا فخذيها فيبدو النساء بينهما من سمنهما»
ثم تجيء الدرجة الثالثة، وفيها رجعة إلى تفسير ما ذكره من قبل من تنفس ناقته الصعداء.
- وقد خلص هنا إلى مناجاة الناقة وجعل حاله وحالها شيئا واحدا:
إذا ما قمت أرحلها بليل ... تأوه آهة الرجل الحزين
تقول إذا درأت لها وضيني ... أهذا دينه أبدا وديني
أكل الدهر حل وارتحال ... أما يبقى على أما يقيني
فأبقى باطلي والجد منها ... كدكان الدرابنة المطين
أي كدكة البوابين، وذلك أنها تكون قد تأكلت من جوانبها، وهذه الصفة تدلنا على أن قوله من قبل:
كأن الكور والأنساع منها ... على قرواء ما هرة دهين
إنما هو رجعة بخياله إلى حالها الأولى. والدهين هنا من صفة السفينة أنها مدهونة بالقار وهي تجاوب قوله من قبل: «خواية فرج مقلات دهين»