إلى مه وإلى من هذا السير وقد عدم فاتكًا. وما أمامه إلا العدم وكأنما هو سائر بآماله إليه هل عند الدنيا زيادة على هذا العدم يبتغي أن تزيده إياها؟ فيم هذا العناء وإلام هذا السير؟
ومتصل بالسير ذكر الإبل. وفيه أنفاس من ذكريات الماضي ومن هاهنا مبدأ التوشيح والتنطيق:
ما زلت أضحك إبلي كلما نظرت ... إلى من اختضبت أخفافها بدم
أسيرها بين أصنام أشاهدها ... ولا أشاهد فيها عفة الصنم
جاء ذكر الأصنام وتفسير رمزها أوضح في المقصورة حيث قال:
وقد ضل قوم بأصنامهم ... وأما بزق رياح فلا
ومراده بالأصنام هنا كافور وكثير غيره ممن قصدهم ولم يجدهم عندهم إلا قليلاً مما كان يأمله كأنه لا شيء. ولعله لا يخرج سيف الدولة كل الإخراج من نفحة هذا الذم. إلا أن قصده إلى كافور أوضح، لأن عهده به كان أقرب، وأمله فيه كان أضخم لما كان يعتقده في نفسه من نقص فيه ربما ييسر له سبيل ذلك. فكانت خيبة ذلك الأمل شديدة مرارة الوقع.
حتى رجعت وأقلامي قوائل لي ... المجد للسيف ليس المجد للقلم