للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما كان مجد كافور بالسيف ولكن بالدهاء مع الذكاء

اكتب بنا أبدًا بعد الكتاب به ... فإنما نحن للأسياف كالخدم

أسمعتني ودوائي ما أشرت به ... فإن غفلت فدائي قلة الفهم

من اقتضى بسوى الهندي حاجته ... أجاب كل سؤال عن عل بلم

فهذا آخر التخصير وماله من وشاح

وآخر القصيدة ذكريات وحكمة وعزاء وأسى واعتذار عن هذا الدأب الذي إنما هو عناء وضياع وقت في غير ما طائل:

توهم القوم أن العجز قربنا ... وفي التقرب ما يدعو إلى التهم

القوم هم كافور وسائر الملوك ولعل القصد إلى سيف الدولة هنا أظهر لأن دلالة ما يلي من الأبيات عليه أقوى:

ولم تزل قلة الإنصاف قاطعة ... بين الرجال وإن كانوا ذوي الرحم

هنا إشارة إلى بيت طرفة

فلا زيارة إلا أن تزورهم ... أيد نشأن مع المصقولة الخذم

من كل قاضية بالموت شفرته ... ما بين منتقم منه ومنتقم

صنا قوائمها عنهم فما وقعت ... مواقع اللؤم في الأيدي ولا الكزم

فسروا هذا البيت بأن المراد أنهم لم يسلبونا سيوفنا، فقد نجونا منهم وهي بأيدينا التي لا هي ذوات قصر ولا بذوات لؤم. والكزم قصر اليد. ومعناه هنا الجبن لأن الشجاع يمضي قدمًا كما قال قيس بن الخطيم:

إذا قصرت أسيافنا كان وصلها ... خطانا إلى أعدائنا فنضارب

وفي القاموس: «وككتف الرجل الهيبان» أي الهيوب والكزم بالتحريك البخل وقصر في الأنف والأصابع. وفي قول أبي الطيب معنى القصر والبخل والجبن جميعًا. وعندي أن قوله صنا قوائمها كأن قد قال صناها عنهم ثم اعتذر بأن ذلك لم يكن بسبب أن قوائمها وقعت من أيدينا موقع لؤم وجبن. وأضرب أبو الطيب عن ذكر السبب الذي من أجله صان سيوفه عن تضريب أعناق هؤلاء الملوك. وقد كان قال من قبل:

وجنبني قرب السلاطين مقتها ... وما يقتضيني من جماجمها النسر

وقال:

<<  <  ج: ص:  >  >>